البطالة المقنّعة لدينا مرتبطة بالعمل الحكومي، والسبب هو ان القطاع الخاص ليس مهيأ لتوظيف المواطنين، هذا يضغط على المسؤولين في الحكومة لإيجاد وظائف – قدر استطاعتهم – لتوظيف الاعداد المتزايدة من الشباب الداخلين جديدا الى سوق العمل بجميع فئاتهم (حاملي الشهادات العليا، وخريجي الجامعات والمعاهد ومراكز التدريب، وحتى المتسربين مبكرا من المدارس) مما يؤدي الى تكدس الموظفين في الأجهزة الحكومية أكثر من احتياجات العمل وبالتالي – بالتأكيد – ستنخفض الإنتاجية مثلما سيحدث في أي دولة أخرى من دول العالم إذا كانت أنظمتها تسمح للقطاع الخاص باستقدام أرخص الايدي العاملة من أفقر دول العالم. لقد صرح وزير الاقتصاد والتخطيط – معبرا بأسلوبه عن البطالة المقنعة – قائلا بالنص: "القطاع الحكومي يستوعب أغلب القوى العاملة الوطنية بأجور لا تعكس الإنتاجية" (جريدة المدينة 18/ 9 / 2013 في مؤتمر مشروعات التجهيزات الأساسية بماريوت). لكن الشيء الذي كان يجب على معالي الوزير ان يقوله هو ان السبب في انخفاض انتاجية موظفي الحكومة ليس – بالضرورة – بسبب عدم كفاءة الموظفين بل لأن العمل الذي كان من الممكن ان يؤديه موظف واحد تم توزيعه على مجموعة من الموظفين بسبب التكدس فضاعت المسؤولية وأصبح كل واحد يعتمد على الآخر في أداء العمل وأصابهم الملل من الجلوس طويلا – من غير عمل – في مكاتبهم فاختلقوا الاعذار للحضور متأخرا والخروج مبكرا والتغيب اوقات العمل. هكذا عندما نشخص المشكلة على حقيقتها نجد أمامنا سؤالاً محيراً: يا ترى على من يقع اللوم في انخفاض إنتاجية موظفي الحكومة؟ هل يقع اللوم على الشاب الذي أنهى توا دراسته والتحق بالعمل متحمسا ليكتشف ان العمل الموكل اليه اداؤه لا يحتاج لكل وقته، او ان اللوم يقع على المسؤولين عن التخطيط الذين لم يستطيعوا ان يضعوا خطة لزيادة الانتاجية. انه من الخطأ ان تتهرب وزارة التخطيط من مسؤوليتها وتلقي اللوم على موظفي الحكومة بأنهم يتقاضون أجورا لا تعكس انتاجيتهم وتتجاهل انها هي السبب في خلق هذه المشكلة لأنها أساسا لم تبذل أي جهد ولا حتى بلسانها (وهو أضعف الايمان) لتحقيق الهدف الثاني من الأهداف الثلاثة لخطة التنمية الأولى، الا وهو بالنص: "تطوير الموارد البشرية وزيادة انتاجيتها لتقوم بعملية التنمية". لا أحد ينكر انخفاض إنتاجية موظفي الحكومة وخير مثال إنتاجية موظفي وزارة التخطيط فلو قسمنا اعمالهم المنجزة على مدى عمر الوزارة (مقاسة بتحقيق اهداف الخطة الأولى وهي: زيادة معدل النمو الحقيقي، وتطوير الموارد البشرية، وتنويع مصادر الدخل) على اجمالي عدد موظفي وزارة التخطيط لوجدنا ان النتيجة صفر لأنه لم يتحقق ولا واحد من هذه الأهداف الثلاثة. الخلاصة نحن لسنا بحاجة الى ايجاد وظائف جديدة في القطاع الحكومي لأنه مكتظ واي زيادة في عدد الموظفين ستؤدي فورا الى انخفاض أكبر في الإنتاجية (تقسيم الاعمال المنجزة على عدد العاملين) ولكن نحتاج الى إيقاف – فورا – طوفان استقدام العمالة واحلال القوى العاملة الوطنية تدريجيا مكان العمالة الحالية في القطاع الخاص واعطائهم الأجور وساعات العمل التي يحصل عليها عمال الدول المساوية لنا في الدخل فترتفع تلقائيا انتاجيتهم ولنا شواهد كثيرة في الجهات التي تعطي الاجير ما يستحقه عمله من الاجر كأرامكو وسابك – والى حد ما – البنوك. موضوع زاوية الاحد القادم – ان شاء الله – بعنوان: اقتصاديات مؤسسة النقد (ساما).