والعنوان شطر بيت لحكيم المعرة (أبي العلاء المعري) وفيه يقول: «إذا كثر الناس شاعَ الفساد كما فسد القول لّما كثُر» ومع أن هذه ليست قاعدة إلا أن فيها بعض الصواب وبعض المبالغة في تعبير (شاع..) فالواقع أنه إذا كثر عدد السكان كثر عدد الفساد لأن هناك نسبة غير صالحة من البشر في كل زمان ومكان، وكلما زاد عدد السكان زاد الفساد والفاسدون.. يضاف إلى هذا أن الفساد عدوى، والعدوى تنتشر مع الزحام حتى تصبح كالوباء، أو تكاد، وكثرة السكان تعني كثرة الزحام واختلاط الفاسدين بغيرهم عن قرب مما ينقل العدوى لكثيرين، فإن (تفاحة فاسدة واحدة) تفسد صندوقاً كبيراً من التفاح طالما كانت محشورة معه! * وهنالك مثل عالمي يقول (الأرض الخصبة موحلة) وهو صحيح مادياً ومعنوياً، فكثرة المال ووفرته تغري من لا خلاق لهم بالفساد ويسهل عليهم ذلك كثرة الفرص ورغبة السرعة في الانجاز لوفرة المال الذي يطمس البصائر والأبصار إلا من رحم الله.. والفساد أصله فساد الأخلاق ينتشر أولاً ثم يتحول إلى فساد مالي لموت الضمائر وضراوة الشهوات والغرائز فتفوح الروائح الكريهة.