قرأت قبل أيام خبراً شجعني على الكتابة مجدداً في هذا الموضوع.. فقد أعلنت وزارة الصحة الأمريكية أن عدد حالات الختان للمواليد الجدد ارتفعت في أمريكا من 35% عام 1963 إلى 65% هذه الأيام.. وهذا العدد لا يشمل المسلمين أو اليهود - الذين ترتفع لديهم النسبة الى 99% - بل بمن تبقى من عامة الشعب الأمريكي بما في ذلك الكبار منهم.. ويعود السر الى أن فوائد الختان (للذكور) أصبحت مؤكدة طبياً وتحولت من ممارسة دينية خاص باليهود والمسلمين الى ممارسة صحية يقبل عليها الجميع بكافة طوائفهم ودياناتهم وأصولهم العرقية.. ويمكن القول أن "النقلة المهمة" حدثت في منتصف الثمانينات حين انتشر الإيدز في أفريقيا ولاحظ الأطباء أن الرجال المختونين أقل عرضة للإصابة بالمرض، بما في ذلك زوجاتهم.. واليوم اتضح أن خلايا الرجل الأمامية (قبل الختان) سريعة التأثر بالفيروس وتعد معبرا سهلا لنقل المرض للطرفين في حين تصبح (بعد الختان) أكثر نظافة وأقل تأثرا وعرضه للنزيف مما يقلل من فرص تناقل العدوى.. صحيح أن الختان لا يضمن حماية بنسبة 100% ولكنه يقدم نسبة حماية كبيرة لم يكن يتصورها حتى أكثر الأطباء تفاؤلا.. فالتجارب التي أجريت في أفريقيا تحت إشراف منظمة الصحة العالمية أثبتت أن الختان قدم مناعة ضد الإيدز بنسبة 48% (في أوغندا) وبنسبة 53% (في كينيا) وبنسبة 60% (في جنوب أفريقيا).. وكانت التجربة الأوغندية قد تضمنت 187 رجلا (متزوجين من نساء مصابات بالإيدز) اتضح من خلالها إصابة 3 من الأزواج المختونين بالمرض فقط، مقابل انتقاله إلى 40 من الرجال غير المختونين.. وفي حين تبدو إصابة المرأة مؤكدة (في حال أصيب زوجها غير المختون بالإيدز) اتضح أنه من بين 299 امرأة متزوجة من رجال مختونين لم تصب بالمرض سوى 44 امرأة فقط!! وفي عام 2007 اعترفت منظمة الصحة العالمية بفعالية الختان في مقاومة الأمراض الجنسية ونصحت بتبنيه كوسيلة للحد من وباء الإيدز.. وأعلنت صراحة أن الختان يحد من الإصابة بالإيدز وأن محاسنه تمتد حتى للمرأة وإنها ستضيف "ختان الذكور" الى قائمة الوسائل المعتمدة لديها لمقاومة المرض بعد أن ثبت دوره في الحد من انتقال الفيروس.. واليوم توجد أكثر من 40 دراسة محايدة تؤكد فعالية الختان في مقاومة معظم الأمراض الجنسية وبالتالي قدرته على إنقاذ ملايين الأشخاص لو تم تبنيه منذ البداية (لدرجة أن خبراء الصحة في جنوب أفريقيا أعدوا برامج ختان جماعي للبالغين للتقليل من انتشار الإيدز في البلاد والبدء فورا بتطبيقه على المواليد الجدد)! .. بقي أن أشير الى أن السر في فعالية الختان لهذه الدرجة يعود الى أن "القلفة" في غير المختونين تشكل جيباً ضيقاً يصعب تنظيفه فتتجمع داخلها إفرازات بكتيرية تتغذى على بقايا البول والخلايا الميتة فتفرز مادة بيضاء ثخينة تدعى اللخن Smegma (ولهذا السبب كان أهالينا يدعونه باسم الطهور).. أما الأسوأ من هذا فهو أن هذه المنطقة تصبح ملجأ ومرتعاً لأي جراثيم ملتقطة من الخارج (كالجراثيم المسببة للأمراض الجنسية) فتتكاثر داخلها وتعمل على إدخالها للزوجة.. وفي المقابل؛ يعمل ختان الطفل على كشفها وإزالتها والتخلص من التجويف الموجود تحتها وبالتالي تطهير المكان ومنع الجراثيم من التراكم والتكاثر (وإزالة حتى المحتمل منها في أقرب فرصة للاستحمام أو الوضوء)!! واليوم أصبح الأمر مؤكد للشعب الأمريكي ورائجا في مستشفيات الأطفال رغم أن العرب واليهود عرفوا محاسن الختان ومارسوه حتى قبل ظهور الاسلام!!