بالرغم من الحالة الحرجة التي يعيشها المواطنون في الدول النامية من نقص في الغذاء والماء وغيرها من الموارد الأولية، إلا أنهم يعانون في الوقت ذاته من فقر شديد في الدواء والمستلزمات الطبية، في ظل انتشار جملة من الأمراض والأوبئة الخطيرة، يأتي في مقدمتها فيروس الإيدز اللعين الذي لا زال يمثل خطراً يصعب التغلب عليه في تلك الدول الفقيرة حتى الآن. وأيقن العلماء أن السبيل الوحيد لتخليص العالم من خطر الإيدز هو اتباع الأساليب الوقائية ضد الفيروس، لأن الأبحاث الطبية لم تتوصل إلى علاج حقيقي يقضي على هجمات المرض. وأكد طبيب استرالي أن ختان الأطفال الذكور بشكل اعتيادي هو سبيل ناجع لمكافحة انتشار فيروس "إتش آي في" المسبب لمرض نقص المناعة المكتسب "الإيدز" بين الجنسين المختلفين. ووصف أليكس وداك، في مقالة بصحيفة "ذا ميديكل جورنال أوف استراليا"، عملية إزالة القلفة بأنه "لقاح جراحي" ضد فيروس ومرض الإيدز والأمراض الأخرى المنقولة جنسياً. وأكد وداك وهو طبيب في مستشفى سانت فينسنت بسيدني، طبقاً لما ورد بجريدة "القدس العربي"، أن الأطباء مخطئون في التحذير من الختان، ودعا وزارة الصحة الاسترالية إلى دعم العملية. يذكر أن ولاية "كوينزلاند" هي الولاية الوحيدة ضمن الست ولايات المكونة لاستراليا التي تقوم بدفع مقابل مادي للآباء الذين يجرون عملية ختان لأطفالهم الذكور. وأوضح وداك أن مجموعة كبيرة من الأبحاث أظهرت أن القلفة هى نقطة الدخول التي تسمح لفيروس "إتش آي في" بإصابة الرجال خلال إقامة علاقة جنسية مع شريكة مصابة بالفيروس. وأضاف أن ختان الذكور يشير إليه كثيرون الآن باعتباره لقاحاً جراحياً ضد مجموعة كبيرة من الأمراض والحالات الطبية الضارة على مدى العمر. وأشار وداك في ظل عدم احتمالية إنتاج لقاح للفيروس المسبب للإيدز في العشرين عاما المقبلة، فإنه يتعين على السلطات أن تنشط في تصحيح المفاهيم بشأن ختان الذكور. وقال "إذا أردنا منع انتشار وباء في فترة الثلاثينيات من القرن الحالي، يتعين علينا البدء في التفكير بهذا الشأن في العقد الحالي من القرن". يذكر أن أقل من 20% من الفتيان في استراليا يجرون عملية الختان، مقارنة بنسبة 13% في العقد الماضي. مطالب دولية بالختان اعتبر خبراء صحة دوليون أن عدم وجود أى لقاح أو علاج لمرض الايدز، يجعل من عملية ختان الذكور وسيلة قوية وغير مكلفة، يمكن أن تؤدى إلى تراجع معدلات الاصابة بالوباء ثم القضاء عليه تماماً. وظهر ذلك من خلال مطالب دولية بحث الدول التى تشهد ارتفاعاً فى معدلات الاصابة بالفيروس باتباع تلك الأساليب الوقائية وفي مقدمتها ختان الذكور، الذي يعتبر أحد مكونات إستراتيجية شاملة للوقاية من الفيروس. وأكد الخبراء أن ختان الذكور يمكن أن يمنع 65% من الاصابات الجديدة بفيروس "إتش.آي.في" المسبب للايدز بين الرجال الطبيعيين، لكن الدول المتضررة من المرض تتباطأ فى جهودها لتشجيع ذلك. وبخلاف طرق الوقاية الأخرى، فإن الختان وسيلة فريدة تتفوق على غيرها من الوسائل نظراً لأنه "علاج يتم لمرة واحدة"، أما طرق الوقاية الحالية من الفيروس وهى العفة الجنسية، و استخدام العوازل الطبية، والتشخيص المبكر وعلاج الإصابات التي تنقل جنسياً واختبار فيروس "إتش.آي.في" كلها لها حدود معينة. ومن جانبه، أكد روبرت بيلى أخصائى علم الاوبئة بجامعة "الينوي" فى شيكاجو: "لعدة أسباب فإن الختان يحمى من الاصابة بفيروس "إتش.آي.في" بين الرجال الذين خضعوا للختان، حيث أن خلايا معينة فى حشفة العضو الذكري التى يتم قطع الجلدة المحيطة بها فى عملية الختان تشكل أهدافاً مفضلة للفيروس، كما أن الجزء الداخلى من هذه الحشفة يفتقر إلى الطبقة السميكة التي تقى معظم الجلد من الإصابة بالعدوى". ومن جهة أخرى، قالت دفورا جوزيف من الهيئة الدولية لخدمات السكان وهى منظمة لا تهدف للربح مقرها واشنطن: "نطالب المجتمع الدولى بمساعدة الحكومات الوطنية وشركائها على إجراء عمليات ختان للذكور فى الأماكن التي ينتشر فيها فيروس "إتش.آي.في" وتقل فيها معدلات الختان فى دول شرق وجنوب أفريقيا". وأكدت دراسات أخرى على الأساليب الوقائية من المرض ومنها الفحص الطبي المتقدم، حيث توصل بحث جديد إلى أن مرضى الإيدز في الدول الفقيرة الذين يجري فحصهم بحثاً عن علامات على الضعف، مثل الحمى أو انخفاض الوزن يتاح لهم على الأرجح نفس معدل النجاة المتاح للمرضى الغربيين الذين يخضعون لاختبارات معملية مكلفة. وأوضحت الدراسة أن مراقبة الأعراض لها تقريباً نفس فعالية التحاليل في المختبر بشأن تقرير متى يتم التحول من المستوى الأول للعلاج بالعقاقير الى المستوى الثاني إذا وجدت مقاومة.. وعادةً ما يعول الأطباء في الدول الفقيرة، لاسيما في أفريقيا، على العلامات البدنية فقط لمتابعة تطور هذا المرض القاتل. ويتعاطى نحو مليوني شخص في الدول النامية من المصابين بفيروس "اتش.اي. في" المسبب للإيدز عقاقير للإبقاء على الحياة، ويتسنى لقليلين منهم إجراء الاختبارات المكلفة لقياس معدلات مناعة الجسم بقياس كمية الفيروس في الدم، أو إحصاء عدد الخلايا المناعية المسماة "خلايا سي. دي4 تي"، وهي اختبارات قياسية في الدول الغنية. عفواً.. الختان لا يضرك يتخوف بعض الرجال من عمليات الختان لاعتقادهم بأنها تؤثر على العملية الجنسية بعد الزواج، لكن دراسة علمية حديثة أثبتت عكس ذلك، وأكدت أن ختان الذكور لا يقلل من الإشباع الجنسي، لذا لا ينبغي أن تكون هناك تحفظات على استخدامه كوسيلة لمكافحة مرض الإيدز. وشملت الدراسة 500 رجل من أوغندا أجرى لنصفهم عملية الختان فيما لم يختن النصف الآخر، ولم تلاحظ الدراسة فروق تذكر بين المجموعتين فيما يتعلق بمعدل الأداء والإشباع الجنسي. وتشير بعض الدراسات الى أن الختان يمكن أن يساهم في خفض معدلات الإصابة بمرض نقص المناعة الايدز بنسبة كبيرة، وتقف عدة أسباب وراء الحماية التي يقدمها الختان من الإصابة بالايدز، من بينها أن خلايا معينة في الجلدة التي تقع في مقدمة العضو الذكري قد تكون أهدافا محتملة لفيروس الايدز، كما أن البشرة التي تلي هذه الجلدة تصبح اقل حساسية ومن ثم تنخفض احتمالات نزيفها مما يقلل من خطر العدوى في أعقاب إجراء الختان. وقال البروفيسير رونالد جراي قائد فريق الباحثين: "إن دراستنا توضح بجلاء أن الختان لا يحمل أي آثار سلبية على الرجال الذين تعرضوا لعملية الختان عند مقارنتهم بالرجال الذين لم يجروا هذه العملية بعد".