كم هي ذكريات جميلة مازالت عالقة في ذاكرتنا من زمن يقول عنه جيل اليوم زمن الطيبين وهو في الحقيقة زمن صفاء النفوس والتآلف الاجتماعي ويتضح ذلك في المناسبات والمواسم ومن هذه الذكريات التي مازالت تنقش على جدار الزمن احداث ذكرياتها انها تتحدث عن نفسها كلما حركها صورة أو موقف أو حديث لأحد كبار السن عن (عيد الضحية) كم هو جميل ذلك الزمن بمجرياته وأحداثه عن الأضحية وعيد الأضحى لقد كان له وقع في النفوس والجميع يشارك في مراسمة والتي تبدأ بالاستعداد المبكر بشراء الاضحية من السوق أو تحديدها من بين الأغنام في المزرعة رغم صغر سنها ولكنها في العيد تكون قد استوفت شرطها وتم تحديد لمن ستكون هذه الأضحية وبالتأكيد كبار السن في المقدمة بعد تحديدها ستحظى بعناية خاصة في التغذية حتى تليق بشعيرتها. الصغار يعرفونها يحددونها هذه أضحية جدي أو جدتي لا تقربونها لا تزعجونها عطوها علف، قبل العيد يضعون الحناء على رأسها احتفاء بها وقبل العيد بأيام تجهز سكين الذبح مع الحرص على ان تكون شفرتها حادة والذين لا يستطيعون الذبح يقومون بحجز احد الشباب المهرة في الذبح والسلخ. وفي الأسواق تنشط حركة البيع ويكثر الجلب من البر ومن مزارع القرى هذه الحركة في الأسواق مهرجان في حد ذاته لا يهدأ إلا بعد العيد بيومين. وبعد صلاة العيد يجتمع الصغار والكبار الكل يشارك في الإمساك بالأضحية وسط ابتسامات الكبار والصغار فالبعض يسقط قبل الامساك بها والصغار يهربون منها ولحظات وتوضع على جنبها باتجاه القبلة وقبل وضع السكين يأتي سيل من الأسماء تشملهم الأضحية بالأجر بإذن الله بعدها يسيل دمها وسط ذهول وانبهار الصغار وفرحة الكبار هناك مداعبات من الأب مع الصغار لتخفيف وقع المشهد بوضع قطعة من الجلد في ذقن الصغير المجاور للجد وبعد تقطيعها يحملون الصغار الهدية من الأضحية للجيران والأقارب وربة البيت أوقدت نار حطب السمر تشيع رائحة شعر رأس الأضحية تنادي على الجيران للإفطار أو الغداء يتم تجهيز وجبة سريعة لأهل البيت تستمر الفرحة يتبادل الجميع التهاني بالعيد وهدية من لحم الأضحية الذي يتم تحويله إلى قديد مملح يعلق على حبال وسط غرفة منسية في بيت الطين وتستمر ذكرى العيد حتى تنتهي آخر قطعة من لحم القديد ومع مرورها سنة بعد سنة تنقش في ذاكرة الصغار هذا المشاهد الجميلة التي تضفي على عيد الأضحى مزيداً من الجمال والمحبة وكل عام وانتم بخير.