صدر حديثاً عن دار العين للنشر رواية "الموت فى وهران" للكاتب الحبيب السائح. ومن الرواية: "احتشد المارون في ساحة المغرب العربي (لاباستي، سابقا) حتى حدود كنيسة الروح القدس المخرس بابها، على تذكار تفجيرٍ في ليلة صيفية كان شتت أشلاءً جسديْ أُسقفها كلافيري ومحمد سائقه الشخصي. وعند الأكشاك الأربعة، كأبراج رُكْنية لحصنٍ اندثرت أسواره: نساء ورجالا، فتيانا وصبايا بأعمار متفتحة وأخرى آيلة إلى ذبول، في أزياء ربيعية وأخرى لا تزال تحمل آثار شتاء المدينة الساحلي. ومن شرفات بناية وهران بويلدينغ أطلت وجوه عتيقة لأزواج من بقايا الأقدام السوداء. تحتها، من حانة فالوريس (سابقا)، خرج بكؤوس قهوتهم المعصورة مَن تبقى من زبائن كانوا، قبل حوالي ثلث قرن، شبابا وكهولا متوثبين يحتسون البيرة فيها مع الڤَطعة بالمرڤاز والدولمْة والعصبان والسردينة المشوية والبصل والليم أو يشربون الباستيس مع الكَمْية بالحمص والفول والببّوش بالملح والكمون وأنواع زيتون السيڤية الملحّم بألوانه الخضراء والسوداء والبنفسجية خاصة. أو هذا الشراب أو ذاك مع هذه الڤَطعة أو تلك الكَمْية. كانوا يرفعون كؤوسا أخرى، بشراب آخر، أنخابا لأيام أفراح غيّبها أفول زمانهم وخذلتهم فيها شيخوختهم فإن عبدقا النڤريطو لم يكن حدّثني إلا قليلا مما يُبكي قلبه على زمن وهران". الحبيب السائح من مواليد منطقة سيدي عيسى ولاية معسكر بالجزائر. نشأ في مدينة سعيدة، تخرّج من جامعة وهران (ليسانس آداب ودراسات ما بعد التخرّج). اشتغل بالتّدريس وساهم في الصحافة الجزائرية والعربية. غادر الجزائر سنة 1994 متّجها نحو تونس حيث أقام بها نصف سنة قبل أن يشدّ الرّحال نحو المغرب الأقصى ثم عاد بعد ذلك إلى الجزائر ليتفرّغ منذ سنوات للإبداع الأدبي قصة ورواية. صدرت له أعمال سردية عديدة، من القصص القصيرة: القرار (1979)، الصعود نحو الأسفل (1981)، البهية تتزين لجلادها (2000)، الموت بالتقسيط (2003). وأما في الرواية: زمن النمرود (1985)، ذاك الحنين (1997)، تماسخت (2002)، تلك المحبة (2003).