أعلنت كينيا أمس الأربعاء الحداد لمدة ثلاثة أيام على أرواح 61 مدنيا وستة من قوات الأمن لقوا حتفهم خلال الحصار الذي استمر أربعة أيام حول مركز التسوق في العاصمة نيروبي. كان الرئيس أوهورو كينياتا قد أعلن الثلاثاء انتهاء الحصار، وذلك بعد إطلاق النار على خمسة من المسلحين المرتبطين بتنظيم القاعدة وقتلهم والقبض على 11 آخرين مشتبه بهم. ولم يتضح بعد على نحو دقيق عدد المسلحين الذين شنوا الهجوم صباح يوم السبت الماضي بينما كان مركز التسوق مكتظا بالرواد. وألقي القبض على بعض المشتبه بهم في أماكن أخرى بالمدينة. وأعلن كينياتا في خطاب بثه التليفزيون انتهاء الحصار، قائلا: "لقد كشفنا المهاجمين وهزمناهم.. لكن خسائرنا فادحة". وتقوم فرق من خبراء الادلة الجنائية، مدعومة بخبراء دوليين من بريطانيا ودول أخرى، بتمشيط مركز التسوق بحثا عن أدلة لفك طلاسم الحادث بما في ذلك جنسيات المهاجمين. وهناك أيضا مهمة انتشال الجثث الباقية داخل مركز التسوق. وانهارت ثلاثة طوابق من المبنى، لتخلف الرفات تحت الأنقاض. ومن المرجح أن ترتفع حصيلة القتلى المعلنة رسميا. وذكر أمين مجلس الوزراء فرنسيس كيمينيا عبر موقع تويتر على الانترنت أن "الأولوية ستكون لإزالة الانقاض لتيسير مهمة الانتشال الفوري للجثث". وتوعد كينياتا بتقديم من يقفون وراء الهجوم للعدالة. أما الشرطة فقالت إن الذين هاجموا المطاعم والمتاجر في وقت الغداء في مجمع التسوق يوم السبت وأمطروه بالرصاص والقنابل اليدوية هم الآن إما قتلى أو في السجن. ولم تتضح أيضا هوية المهاجمين باستثناء أنهم موالون لحركة الشباب المرتبطة بالقاعدة. وقال الرئيس الكيني انه لا يمكنه تأكيد ما إذا كان بينهم أميركيان أو ثلاثة أو إمرأة بريطانية قد تكون أرملة مفجر انتحاري شارك في هجوم في لندن في 2005. ونفت حركة الشباب نفسها في حسابها على تويتر مشاركة أي نساء في الهجوم. وبعد أيام من الإشادة بصمود المتحصنين في المجمع فإن صمت الحركة بشأن مصيرهم يشير إلى أن مهمتهم انتهت. وقال كينياتا "لا تزال هناك بضع جثث عالقة بين الأنقاض من بينها جثث للارهابيين". واضاف انه تأكد وفاة 61 مدنيا وستة من أفراد الأمن علاوة على خمسة من المتشددين. وكان عدد للقتلى المقدر سابقا 62. وقال الرئيس إنه لا يستطيع تأكيد تقارير للمخابرات عن مشاركة متشددين أميركيين وبريطانيين وقال إن الطب الشرعي يجري فحوصات لتحديد الجنسيات. وانتشرت شائعات تشير إلى أن الحركة المسلحة استخدمت نساءً لتنفيذ عمليتها الأخيرة إلا أن الحركة قالت في تغريدة على تويتر "لدينا ما يكفي من الشبان ولا نستخدم أخواتنا في مثل هذه العمليات العسكرية". وقال كينياتا "هؤلاء الجبناء والمتواطئون معهم وسادتهم أينما كانوا سيمثلون امام العدالة". ووجه الشكر لزعماء من بينهم الرئيس الأميركي باراك أوباما للدعم الذي قدموه. وقال الجيش الكيني ان قواته تقوم "بعمليات تمشيط" في المبنى. ونشرت صور للهجوم من الدائرة التلفزيونية المغلقة داخل مركز التسوق في صحف كينية حيث أظهرت اثنين من المتشددين يرتديان أحزمة بها ذخيرة. وكان أحدهما يمسك ببندقية. وقالت وزيرة الخارجية الكينية أمينة محمد في مقابلة مع شبكة تلفزيون أميركية ان "اثنين او ثلاثة أميركيين" وامرأة بريطانية كانوا بين المسلحين الذين نفذوا الهجوم. وأضافت ان الأميركيين "شبان ربما تتراوح اعمارهم بين 18 و19 عاما". ومضت قائلة "هم من اصل صومالي او اصل عربي لكنهم عاشوا في الولاياتالمتحدة.. في مينيسوتا ومكان اخر". ونفت حركة الشباب التي قالت انها على اتصال بأعضائها في مركز التسوق تعليقات الوزيرة. وقال المكتب الاعلامي للحركة لرويترز "اولئك الذين يصفون المهاجمين بأنهم أميركيون او بريطانيون هم اشخاص لا يعرفون ما يجري في مبنى ويست جيت". وقال مصدر أمن بريطاني ان من المحتمل ان تكون سامانتا ليوثويت أرملة جيرمين لندساي الذي كان أحد المهاجمين الانتحاريين الذين قتلوا أكثر من 50 شخصا في شبكة النقل العام في لندن في 2005 قد شاركت في هجوم نيروبي. وعندما سئل المصدر بشأن تقارير أفادت بأن ليوثويت التي تطلق عليها وسائل الاعلام البريطانية وصف "الارملة البيضاء" قال "هذا احتمال. لكن لا شيء مؤكد أو قاطع حتى الان". ومن المعتقد أن ليوثويت غادرت بريطانيا منذ بضعة أعوام وانها مطلوبة فيما يتعلق بمؤامرة مزعومة لمهاجمة فنادق ومطاعم في كينيا. وقال مسؤولون أمنيون أميركيون إن السلطات الأميركية تحقق في معلومات قدمتها السلطات الكينية بأن مقيمين في دول غربية منها الولاياتالمتحدة ربما كانوا بين المهاجمين. وعرض الرئيس الأميركي أوباما -الذي ولد والده في كينيا- تقديم الدعم قائلا إنه يعتقد أن كينيا ستبقى ركيزة للاستقرار في المنطقة. والهجوم على المجمع هو أسوأ حادث تشهده كينيا منذ التفجير الذي نفذته القاعدة للسفارة الأميركية في نيروبي وسقط فيه أكثر من 200 قتيل في عام 1998 وعندما هاجم مسلحون من حركة الشباب المرتبطة بالقاعدة المجمع التجاري يوم السبت فإنهم أصابوا رمزا بارزا للقوة الاقتصادية لكينيا. من جهتها قالت وزارة الخارجية البريطانية أمس الاربعاء إن مواطنا بريطانيا اعتقل في نيروبي. وقالت صحيفة ديلي ميل إن بريطانياً من أصل صومالي (35 عاما) اعتقل في مطار جومو كينياتا في نيروبي بينما كان يحاول مغادرة كينيا على رحلة للخطوط الجوية التركية. ورفض المتحدث باسم وزارة الخارجية التعليق على التقرير واكتفى بقول ان السلطات البريطانية على علم باعتقال بريطاني في العاصمة الكينية وجاهزة لتقديم المساعدة القنصلية. وقال مصدر بوحدة شرطة مكافحة الإرهاب الكينية ان مواطنا بريطانيا من أصل صومالي اعتقل بعد ان فاتته رحلته في مطار نيروبي ويجري الآن استجوابه. ولم يذكر مزيدا من التفاصيل. وقالت ديلي ميل إن الرجل لفت الانتباه في المطار بسبب كدمات في وجهه وكان يرتدي نظارات داكنة ويتصرف بشكل مريب. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين كينيين ان جواز سفر الرجل البريطاني بدا سليما ويحمل تأشيرة كينية رغم عدم وجود ختم يشير إلى متى وكيف دخل البلاد. وقالت الصحيفة أيضا إن الرجل يخضع للاستجواب حول ما إذا كانت الإصابات في وجهه حدثت خلال زيارة للصومال في الآونة الأخيرة. أسرة تبكي ابنها الذي قتل في العملية (أ.ب) أفراد الجيش الكيني انتشروا في محيط المجمّع (أ.ف.ب)