هذان مثلان عاميان مختلفان في الدلالة. والعواء: فصيحة تعني صوت الذئب أو الكلب. ويقال في الحكايات الشعبية ان الذئاب تعوي لتنادي بعضها ثم تتجمع لتهجم على البشر, وهذه مبالغة, فمع كون الذئب حيوانا متوحشا, فإن الإنسان لا يعتبر من فرائسه إلا في ظروف ضيقة للغاية وتعتبر من النوادر, لأنه لا يسعى للهجوم على البشر إلا إذا غلبه الجوع ولم يجد فرائسه التقليدية من الحيوانات وصادف إنسانا (ضعيفاً وحيداً). وعلى أي حال فالشائع عند العوام أن الذئب مفترس قوي يبطش بالضعيف. ولعل المثل (إذا عوى الذيب تَحَسّب عواقبها) نشأ من خشية أصحاب الماشية ورعاتها إذا سمعوا عواءه فقد يكون ذلك توطئة لهجومه عليها لأنه يفترس غالبا مستخدما الحيلة والمخاتلة والمباغتة مما يتطلب من أصحاب الماشية الانتباه والاستعداد لصد هجومه. يضرب المثل لعلامات الشر وما يتطلب الأمر من اتخاذ الاحتياطات للحيلولة دون وقوع الضرر. أما المثل الطريف (من هدي الذيب يوم يقرّد), فهو افتراض ينطوي على استفهام نفي. فالتقريد تعني الوقوف بجانب الماشية والإتيان بحركات تؤدي إلى (تهدئتها) كحك جلدها من أجل نزع حشرات القراد العالقة بأجسامها التي تتسبب بأذيتها وتؤدي إلى اضطرابها, لكن هذه العملية يستحيل تطبيقها على الذئب وهو سبع غير مستأنس يخاف منه الإنسان. يضرب المثل للشخص المهاب والداهية الذي يصعب التقرب إليه ولا تنطلي عليه الحيل ولا يخضع للمغريات ولا يلين إذا تكالبت عليه الشدائد.