امتلاك السلاح النووي هو السبيل الوحيد الذي تستطيع به دول الشرق الاوسط حماية نفسها، أما غير ذلك ستكون ضحية لاستخدامه، طهران وإسرائيل حسما الجدل الأخلاقي والسياسي واتجها لخيار امتلاك القوة النووية الرادعة فضمنا لنفسيهما الأمن الاستراتيجي الذي أبعد خطوط الخطر عن حدودهما، لأنهما عرفا ان القوة ليست سلاحاً مستأجراً او استثماراً مالياً في أسواق بعيدة .. بعد إفلاس القرار الدولي وعجزه عن حماية الشعوب الضعيفة أصبحت التحالفات الدولية لا قيمة لها إلا ان كانت بين اطراف متساوين بالقوة والنفوذ، فالدول القوية تحافظ على مصالح الدول القوية، وهذا انكشف خلال الاتفاق الذي تم بين موسكووواشنطن لتجنيب نظام الأسد خطر الضربة العسكرية، فمنظومة تحالفات الأسد النووية هي التي استطاعت إنقاذه من تلك الضربة المزعومة، فتحالفات نظام الأسد الدولية والاقليمية تقوم على الاعتبارات الأمنية والعسكرية بالدرجة الأولى وليس على اعتبارات الاقتصاد والمال، التي تعلم كيف تنشئ السوق ولا تعلم كيف تحميه، فالشراكة الاقتصادية معرضة للإفلاس والخسارة في أي وقت لأسباب خاصة بظروف البيع والشراء، أما الشراكة الأمنية تجعل الحلفاء يشاهد بعضهما ظهر الآخر باستمرار ليمنع عنه خطر الضربات الغادرة. دول الخليج اليوم مدعوة لمراجعة خريطة تحالفاتها الدولية لتضع دوائر كبيرة على مخاوفها الأمنية في تلك الخريطة، فالنجاح الاقتصادي ليس بالضرورة يضمن لك حليفاًِ جيداً، ولكن من المؤكد أن يضمن لك سمساراً جيداً يعرف كيف يشتري لك ويعرف الوقت المناسب لبيعك، فقد جربت دول الخليج أغلب سماسرة العالم، باعوا لها واشتروا، ولكنهم يبقون سماسرة سوق لا أكثر، كما ان المقلق اليوم ان السماسرة الدوليين بدأوا يستثمرون بالمناطق التي تشكل خطراً على دول الخليج ليس لجودة سلع تلك المناطق بل لانها فقط تشكل خطراً. فقد رأت تلك الدول الكبيرة ان التحالف مع القراصنة أكثر نفعاً من التحالف مع التاجر، فالجريمة ان قامت بها دولة لا تعد جريمة بل سوء حسابات عليها التراجع عنها، مثل جريمة الأسد المعاقبة تقتصر فقط بالتراجع عنها. فدول الخليج محاطة بقراصنة محترفين ويعرفون كيف يبيعون مخاوف أهل الخليج على الدول الكبيرة، فالحديث أن علاقات دول الخليج مع واشنطن أو غيرها بأنها علاقات استراتيجية حديث يجعلنا بخانة التاجر والسمسار، لا ضمان لاستمرارهم معاً، فمن يملك الاستعداد من الدول الكبيرة على بيع دول الخليج السلاح النووي هو الحليف الذي يمكن ان يحمي الظهر اما غير ذلك يعد لعباً مع الثيران الهائجة، يقول تراث الخليج بأن الاجداد عاشوا حياة ضنكة وبسيطة وفقيرة، ولكنها مستقرة وهادئة، وذلك لأن الأمن كان بها مستقراً، فمن فكر البدايات نستمد الأمن والحياة.