استأنف مسؤولو منطقة اليورو أمس نشاطهم بعد العطلة الصيفية في أجواء هادئة حتى أن كان سيتعين عليهم الانكباب سريعا جدا على ملفات حساسة وضعت جانبا حتى الانتخابات الألمانية. وفي أول اجتماع لهم منذ الصيف، سيكون على وزراء مالية دول منطقة اليورو جس نبض دول الاتحاد النقدي خصوصا مع إجراءات مساعدة جديدة ستكون ضرورية للعديد من هذه الدول في طليعتها اليونان. وكما كان متوقع وافق الوزراء على منح جمهورية قبرص قسطا جديدا بقيمة 1,5 مليار يورو. وقال الوزراء في بيان أن هذا المبلغ سيدفع في نهاية سبتمبر بعد أن أعطت الآلية الأوروبية للاستقرار، صندوق دعم منطقة اليورو، الضوء الأخضر لذلك. وكان مسؤول أوروبي أكد الخميس أن "كل المؤشرات إيجابية" معتمدا في ذلك على راي ترويكا المانحين لقبرص (الاتحاد الاوروبي والبنك المركزي الاوروبي وصندوق النقد الدولي). وباستثناء ذلك لا يتوقع أن يصدر أي إعلان هام آخر عن الاجتماع بالنظر إلى قرب الانتخابات في المانيا (22 سبتمبر)، حيث تكون الملفات المرتبطة بإدارة الأزمات حساسة سياسيا لكون المانيا هي أكبر مساهم في خطط الإنقاذ المختلفة لدول منطقة اليورو منذ أربع سنوات. ومع ذلك فإن هناك العديد من الملفات الساخنة، وسينكب الوزراء خصوصا على ملف سلوفينيا التي تعاني صعوبات بسبب قطاعها المصرفي الذي يرزح تحت عبء الديون الهالكة بقيمة سبعة مليارات يورو، بحسب صندوق النقد الدولي. واضطرت سلطات هذا البلد مؤخرا إلى أن تتدخل لإنقاذ مصرفين خاصين صغيرين من خلال منحهما ضمانات حكومية ما أثار تكهنات خصوصا في الصحف الالمانية حول حاجة سلوفينيا لمساعدة مالية. لكن وزير المالية الالماني فولفغانغ شويبله اعتبر أن سلوفينيا يمكنها تفادي خطة مساعدة وقال "إذا احترمت التزاماتها يمكنها الاستغناء عن خطة انقاذ"، وهو ما أكده نظيره السلوفيني يوروس كوفير الذي قال "لدينا المال في حساباتنا، ونحن بالتالي قادرون على الخروج من الأزمة بمفردنا". ومن المواضيع الأخرى المطروحة على أجندة الوزراء إنهاء برنامجي المساعدة لايرلندا والبرتغال. وقبل العودة إلى الأسواق تأمل ايرلندا في الإفادة من الإجراءات المصاحبة، ويمكن أن يترجم ذلك إلى خط ائتمان بعدة مليارات يورو أو باللجوء إلى برنامج شراء سندات من البنك المركزي الأوروبي الذي لم يتم استخدامه أبدا حتى الآن. وبالنسبة للبرتغال التي تشهد نهوضا هشا وتوترا سياسيا فإن الآفاق قاتمة ومن الصعب توقع عودة هذا البلد بالكامل إلى الأسواق اعتبارا من منتصف 2014. وتحت الضغط طلبت لشبونة الخميس من دائنيها تخفيف العبء عليها من خلال مراجعة هدف تقليص العجز في 2014، ورد رئيس مجلس وزراء مالية دول منطقة اليورو يروين ديسلبلوم "من المهم جدا أن يلتزم هذا البلد بالقرارات المتخذة في إطار البرنامج وهذا يشمل هدف تقليص العجز". وشدد "سواء كان الهدف أكبر أو أقل فالمهم أن يفهم العالم الخارجي أن البرتغال ستحترم تعهداتها". وسيبحث الوزراء اليوم في الاتحاد المصرفي بعد موافقة البرلمان الأوروبي الخميس على دخول هذا الإجراء الذي ينص على مراقبة موحدة للبنوك يتولاها البنك المركزي الأوروبي، حيز التنفيذ في خريف 2014. وتم تقديم معلومات أمس عن درجة التقدم في هذا المشروع الذي من شأنه أن يفصل بين الأزمات المصرفية وأزمات الديون، وقبل تنفيذ الاتحاد المصرفي يتعين إجراء تقييم كامل لموجودات نحو 130 مصرفا أوروبيا بداية 2014. وسيحاول الوزراء التقدم أيضا في إنجاز ركيزة أخرى للاتحاد المصرفي وهي آلية "التسوية" لتقرير مصير البنوك التي تعاني صعوبات في منطقة اليورو. وهذا المشروع يثير حفيظة المانيا التي تعتبر انه بوضعه الحالي غير متلائم مع المعاهدات الأوروبية، وفي الجوهر فإن برلين لا تؤيد صندوق تسوية مشترك ما سيجبر البنوك الالمانية على تمويل حالات إفلاس أو خطط انقاذ لبلدان أخرى. وقال رئيس مجلس وزراء مالية منطقة اليورو "أنها المرة الأولى التي نتحدث فيها في هذا الموضوع ويريد المجلس الأوروبي اتفاقا حول هذا الملف في ديسمبر، ومن المهم (بالتالي) أن نحترم الآجال".