فاصلة: التهذيب هو فن الاختيار بين الأفكار (حكمة فرنسية) ماذا تفعل إذا شتمك طفل أو أخرج لك لسانه وأنت تتبضع في أي محال تجاري، أو ركب خلف مقعدك في الطائرة وأزعجك بإطلاق العنان لرجليه تركل مقعدك وتزعجك دون أدنى إحساس بأنه يزعج الآخرين. والذي يمكنه أن يزعجك أكثر أن والداه بجانبه ولايفعلان شيئا سوى عبارات مثل عيب يا ولد أو الله يفشلك أو الصمت المميت. مسألة تهذيب الأولاد ليست أمرا سهلا فهو مسؤوليتنا كآباء ومربين أننا مسؤولون عن تعليم أبنائنا المهارات التي يحتاجونها في هذا العالم كلنا لدينا قواعد في حياتنا وليس مهما كمية هذه القواعد بقدر أهمية كيفية عرضها على أبنائنا لينفذوها لايتم ذلك إلا أن تكون قد بنيت علاقة جيدة مع طفلك خالية من اللوم أو السيطرة أو الإذلال والشتائم .كثير من الأطفال لايعرفون ماهو المطلوب منهم وتأتي عواقب السلوك أحيانا قوية وحادة لايدرك الطفل منها سوى أنها آذته. العقاب ليس انتقاما من الأطفال بل يفترض أننا بدأنا علاقة جيدة مع الطفل تسمح لنا بتهذيب سلوكه وتغييره بأداة التواصل معه إن أطفالنا إذا أحسنا احترامهم وتقديرنا لذاتهم فهم سيكونون حريصين على إرضائنا ولذلك حينما تشتكي لي أم أن ابنها يتعمد إغضابها أعرف تماماً أن هذا الطفل لايشعر بأن أمه تحبه ولايوجد العلاقة الجميلة الذي يحرص على إبقائها مستمرة. في الأماكن العامة نلحظ تصرفات كثيرة من الآباء تجاه الأبناء تصب في الإساءة إلى ذات الطفل باللوم أو التحقير فإذا كان هذا هو سلوك الآباء خارج المنزل فكيف هو داخله؟ إننا كآباء نحتاج كثيرا إلى تعلم مهارات عدة للتعامل مع أطفالنا في طفولتهم المبكرة ولكننا ننشغل عن ذلك ونبدأ في استقبال مشكلاتهم الطفولية ثم في فترة المراهقة كل المهارات يمكننا تعلمها عبر القراءة والالتحاق بالبرامج التدريبية. هناك شيء واحد ثمين لايمكننا تعلمه وهو الحب فإن لم تكن أنفسنا مشبعة بالشعور بالحب لذواتنا أولا ولأطفالنا فإنه من العبث أن ننجح في منحه لأطفالنا إذن البداية من أنفسنا نحن أولا وحتى نفعل ذلك فلا أملك إلا أن أعزي الجيل القادم بأننا في عصر التقنية عاجزون عن إكسابه مهارات التواصل الهامة في الحياة.