لم تبقَ سوى بضعة أيام ليودع الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري منصبه كرئيس للجمهورية وليسجل بذلك اسمه في التاريخ الباكستاني كأول رئيس منتخب ديموقراطياً يكمل مدته الدستورية. وقد واجه الرئيس تحديات صعبة للاستمرار في منصبه خلال السنوات الدستورية الخمس التي قضاها في هذا المنصب. وكان زرداري قد تسلم الرئاسة في سبتمبر من عام 2008م بعد فوز "حزب الشعب الباكستاني" في الانتخابات التشريعية التي عقدت مطلع نفس العام وذلك عقب تنازل الرئيس السابق برويز مشرف عن هذا المنصب بسبب الظروف السياسية التي طرأت في البلاد. وكانت أول خطوة ناجحة قام بها الرئيس آصف علي زرداري هو الحفاظ على كيان حزب زوجته الراحلة بينظير بوتو بعد ما تم اغتيالها في أواخر عام 2007م، فلم يعين نفسه رئيساً للحزب بل عيّن نجله بلاول بوتو رئيساً للحزب خلفاً لوالدته بوتو. وكان أول تحدٍ واجهه زرداري بعد وصوله إلى المنصب هو الحفاظ على سياسة المصالحة مع الأحزاب السياسية التي وصلت إلى سدة الحكم بالدرجة الثانية معه في انتخابات عام 2008م مثل حزب نواز شريف الذي تمكن حينها من تشكيل حكومته الإقليمية في إقليم البنجاب. ثم واجه زرداري القضاء الذي اعترض على احتفاظه بالمنصبين (رئاسة الجمهورية ورئاسة الحزب) مخالفاً بذلك الدستور الباكستاني الأساسي لعام 1973م الذي لا يسمح لرئيس الجمهورية بأن يكون عضواً في أي من الأحزاب السياسية، إلا أنه تخلص من هذا التحدي باعتبار أنه لم يكن وبصفة قانونية رئيس حزبه. وقد انتصر زرداري في جميع التحديات السياسية والقضائية التي خاضها رغم أن القضاء الباكستاني تمكن من إبعاد رئيس وزراء حكومته يوسف رضا جيلاني من منصبه على خلفية ازدراءه للقضاء. وسبق للرئيس أن أجرى مجموعة من التعديلات الدستورية أعاد من خلالها النظام الديموقراطي إلى مساره الصحيح بإلغاء جميع التعديلات التي أجراها سلفه الرئيس برويز مشرف وخصوصاً التعديلات المتعلقة بنقل صلاحية حل الحكومة إلى منصب رئيس الجمهورية، والتي أعادها زرداري إلى منصب رئيس الوزراء. كما تمكن أيضاً من تجاوز الظروف والانتقادات التي واجهته بعد اغتيال زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في مدينة "أبيت آباد" الباكستانية على يد القوات الأميركية في مايو من عام 2011م.هذا ويعزو الخبراء السياسيون في باكستان سبب إكمال زرداري لفترة رئاسته إلى شخصيته الهادئة وصبره وعدم إظهاره لأية ردة فعل فورية تجاه من حاول اعتراض طريقه. بل أنه تعامل مع جميع التحديات بالحكمة والصبر والتمعن، وهذا ما ساعده في إكمال مدة رئاسته الدستورية التي ستكتمل في 8 من سبتمبر الجاري، ليخلفه في هذا المنصب الرئيس الباكستاني الجديد ممنون حسين الذي فاز بهذا المنصب في الانتخابات التي عقدت في 30 يوليو الماضي.