وأخيراً صدر نظام الحماية من الإيذاء في 24/10/1434 بعد أن راود مكانه مرات عدة، ماراً بمجلس الشورى مرتين على الأقل عام 2009 و2012 منذ أن شارك في وضع نصوصه برنامج الأمان الأسري وجمعية الملك خالد الخيرية. الغريب في أمر هذا النظام أنه بخلاف الأربعة بنود النموذجية التي نشرتها واس وجميع الصحف لم أعثر لنصه الكامل على أثر في الأماكن التي من المفترض أن يُنشر فيها حتى تصل إلى الجمهور، لم أجده على موقع وزارة الشؤون الاجتماعية ولا على موقع هيئة الخبراء التي كانت الممثل الوحيد لمجلس الوزراء على الانترنت، ولم أجده على موقع صحيفة أم القرى، الصحيفة الرسمية للدولة، لكن موقع برنامج الأمان الأسري هو الذي حمل خبر مقابلة مع مدير إدارة الحماية الاجتماعية في وزارة الشؤون الاجتماعية الدكتور محمد الحربي في «الشرق» (28/8/2013) والذي ذكر أن النص الكامل للقانون ولائحته التنفيذية سيسلم خلال 90 يوماً. وهي معلومة لم تتوفر على تلك المواقع الرسمية. وما تبقى هي بعض التصريحات التي جاءت على لسان مسؤولي الوزارة مثل الدكتور محمد الحربي ومشرف فرق الحماية الأستاذ تركي المالكي، أو نص النظام القديم الذي نشرته بعض وسائل الإعلام عام 2009 عند دخوله إلى مجلس الشورى المرة الأولى، وهو ما لا يمكننا التعليق عليه بهذه الصورة. ولأتناول بعض ما ذكره سعادة مدير إدارة الحماية الاجتماعية حول آلية عمل النظام لاسيما فيما يختص بالعقوبات وهي التي كانت تمثل حجر الزاوية في رفض مجلس الشورى النظام ما بين من يرفض خلو النظام من العقوبات وبين من يرى صعوبة تحديد عقوبات مع تشعب مفهوم وأشكال العنف. وقضية العقوبات هي التي أرغب في التعليق عليها هنا نظراً لأنها ما جاء فيها بعض المعلومات، فقد ذكر المشرف على فرق الحماية من الإيذاء في وزارة الصحة الأستاذ تركي المالكي أن "المادة التاسعة عشرة من النظام تنص على عقاب المعتدي، بسجنه مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد عن سنة، إضافة إلى تغريمه مالياً مالا يقل عن 5000 ريال، ولا يزيد عن 50000، ويمكن أن يعاقب بأحدهما أو كليهما، كما يمكن للمحكمة أيضا إصدار عقوبات بديلة". فكما نرى من العقاب المذكور والذي ينقسم إلى سجن وغرامة فقط، يتسم أيضاً بضآلة مدة السجن والغرامة كذلك. فهل سيكون عقاب من عنّف زوجته أو أبناءه لسنوات طويلة أو من أوصلهم بوحشية إلى حتفهم، بالسجن مدة لا تزيد عن سنة ويدفع غرامة لا تزيد عن خمسين ألفاً؟ وليس واضحاً ما إذا كان النظام قد استدرك الفروقات العريضة بين أشكال العنف والإيذاء المختلفة، فليس كل عنف ظاهر للعيان، فهناك العنف اللفظي، العنف النفسي، العنف الاقتصادي، العنف الصحي، العنف بالإهمال، العنف بتقييد الحركة وغيرها مما ينص عليه إعلان مكافحة كل أشكال العنف ضد المرأة الأممي. كان من غرائب توقيت صدور القرار أن تقع في نفس اليوم مجزرة عائلية في شرورة بقتل زوج لزوجته وأطفاله الأربعة ذبحاً بكل ما تحمله الكلمة من وحشية وتعمد، فطفله الرابع أخذه ذلك اليوم من طليقته ليضمه إلى بقية إخوته، ولتفجعنا بعد ذلك صحيفة الوطن بصورهم على الصفحة الأولى. كيف ينبغي لنظام الحماية من الإيذاء أن يعمل في ظل ظرف كهذا؟ ما هي الآلية التي سوف يتبعها للوقاية ولحماية أسر كهذه الأسرة الضحية لمختل ولا شك غير عاقل ولا راشد تركوه يتزوج بدل المرة مرتين وينجب أطفالاً ليودي بهم إلى الهلاك. نظام الحماية من الإيذاء أول الطريق وأمامنا المدى بعيداً بتحدياته حتى نتمكن من إنقاذ زوجة وأبناء صوعان آخر قبل فوات الأوان، والقائمة طويلة وكلما تساهلنا في التعامل مع الأعراض أو في العقاب الرادع كانت العواقب فادحة.