سرقهُ العمل الصحفي من الالتفات إلى شغفه الأدبي؛ حيث يعود الصحفي والشاعر حبيب محمود إلى الأدب برواية " زَمْبوهْ" المستلهمة من عوالم ريف المنطقة الشرقية وتحديداً بيئة المجتمع الزراعي في القطيف، أربعينات القرن العشرين. في إصدار سيرى النور قريبا عن دار طوى للنشر في بيروت. لقد دخل محمود مهنة المتاعب عام 1993 وتنقل بين عدد من الصحف، استقر أخيراً في الزميلة "الشرق" كمدير تحرير قسم المحليات، طارداً، مجدداً ذلك الأديب الذي بداخله من مزاولة الأدب، داخل الصحافة الثقافية، مبتعداً إلى صحافة المجتمع، معللاً بالقول: "لا أحتمل نرجسية المثقفين.. مع أني اعتبر نفسي منهم" وقد عمل محمود أيضاً في مجلة القافلة الثقافية التي تصدرها أرامكو السعودية، وأصدر عام 2007 مجموعة شعرية يتيمة بعنوان: (حافة أنثى). منذ مدة، اقتطع بعض الوقت ليعيد تحرير مخطوط رواية بدأها بخط اليد عام 1999، وانتهى منها العام 2004؛ إنها زمبوه أو زينب دون صيغة تحريف لاسم زينب، كما اعتاد أهل الخليج العربي نطقها، بعد أن ورثوا هذه اللكنة عن المحتلين البرتغاليين في القرن السادس عشر الميلادي. حبيب محمود تغوص الرواية في تفاصيل الحياة اليومية للريف القطيفي إبان الحرب العالمية الثانية، عبر حياة بطل الرواية (حسين) وهو ابن فلاح مستأجرٍ بسيط يعجز من الخروج من طبقته الاجتماعية، وسط مجتمع تحكمه طبقية صارمة بوجود الإقطاعيين الزراعيين وسلطة كبار رجال الدين المتحالفين معهم. لغة "النميمة" تحضر في الرواية، عندما تحوم حول فتاة حملت سفاحاً من مجهول. كما نعيش في الرواية تفاصيل الريف الدقيقة والوثيقة الصلة بإنسان ما قبل طفرة النفط، حيث نقرأ عن "صرام النخيل، تلف التمور بسبب حرارة الجو والرطوبة، خسارة عقد الإيجار، إحباط الفلاح المقيد بشروط مذلة، منافسة الفلاحين بعضهم بعضاً، الأساطير في المخيلة الاجتماعية حول الجن الذين يسكنون العيون الجوفية.. كما نجد - أيضا - في أحداث الرواية ذاك الصراع الطبقي ومنه إلى تحالف رجل دين والإقطاعيين، في مشاهد ريفية، تفوح منها رائحة الليمون الأخضر إلى جوار شواء السمك من البيوت الساحلية. أما عن اختيار الريف عالماً للسرد الروائي في "زمبوه" وردا على سؤال: ما الذي دفعك للكتابة حول اجواء الريف القريبة منك.. هل تحاول البحث عن الزمن المفقود أم ماذا؟ فيجيب محمود قائلاً: أنا ابن الريف والنخيل، أجل ربما يكون الحنينُ سبباً ولكن بالتأكيد، كل أجواء الريف في الرواية سرقتها من ذاكرتي حتى نهيق الحمار الذي كنت أسمعه في الظهريات دونته في سياق ما، وكذلك حتى رائحة قلي السمك التي تنتشر في البساتين القريبة من بعض.