السلاح روسي المنشأ والصنع، ومنفذ الجريمة بشار الأسد، وسجل روسيا في الجريمة طويل، وبدلاً من إعلان احتجاجها ستنفي الواقعة وتعلقها على ذمة من تسميهم بالارهابيين؛ حيث إن قتل الآلاف المتوقع أن تقفز أعداده بسبب استخدام الأسلحة الكيماوية، وضحاياها الأكبر من الأطفال والنساء سيكون نقطة سوداء للدولة الكبرى، والتي تعمدت أن تقايض دولة تمتهن الجريمة على حياة شعب وتاريخ، لدرجة الاستهتار باجتماعات مجلس الأمن واتخاذ «الفيتو» ضد أي إجراء يطال حكومة الأسد؛ لأن روسيا لم يبق لها في المنطقة من صديق إلاّ بقايا من عاشوا خدعة الدولة السوفياتية التي خلقت فناءها بنفسها.. دول أوروبا سترى الأمر صراعاً داخلياً، وستختفي مسائل حقوق الإنسان وجرائم الحروب وملاحقة المجرمين والقتلة، لأن البلد عربي، والبيئة التي نشأ فيها هذا المجتمع على عداء تاريخي، لكن لماذا نذهب بعيداً ونحن نعرف أن الدول التي استعمرت أمريكا الجنوبية وآسيا وأفريقيا، هي من زرع فيروسيْ الجدري و«التيفوئيد» والأمراض التناسلية وحميات مصنعة في معاملها في عملية إبادة بشرية غير مسبوقة، وحتى الاعتذار عن ذلك التاريخ الأسود لم يحدث رغم تعاقب الأزمنة، خشية أن تأخذ تلك الشعوب حقوقها، ولو بأثر رجعي، ومسألة قتل السوريين لن تكون حاضرة، أو قائمة في ضمائر تلك الدول المخادعة بسن القوانين والتشريعات غير القابلة للتطبيق إلاّ في محيطها فقط.. أمريكا ليست بريئة أيضاً فهي نبتت من الثقافة والحضارة الأوروبية، وقد كان المستوطنون القادمون من تلك القارة، هم من أبادوا الهنود الحمر، واستعباد الأفارقة بالأعمال الشاقة وفرض مبادئ التفرقة العنصرية، وعندما أصبحت دولة عظمى سخرت سلاحها النووي لضرب «هيروشيما ونجازاكي» بالقنابل الذرية كأول عمل في التاريخ، ولم تكتف بتلك الجريمة عندما حاربت فيتنام بكل أسلحة الإبادة بما فيها رش الغابات بمبيدات حارقة حتى إن قرية «ماي لاي» التي ذبح الجنود الأمريكيون كل سكانها لا تزال حية في الضمير العالمي، ولم تختلف الأمور عن جرائمها في أمريكا الجنوبية والعراق، وأفغانستان ودول أفريقية مثل الصومال وغيرها عن سوابقها الأخرى. سورية جزء من سيناريو لإبادة شعبها بتلاقي الأهداف بين الشرق والغرب، ومسلسل القتل بالأسلحة الكيماوية موثق ومعروف، ولأن سكرتير الأممالمتحدة مجرد ناطق وتابع صغير للحكومة الأمريكية فهو يعيش في بيت الطاعة الأمريكي، وعملية إرسال المندوبين لتقصي الحقائق انكشفت حقيقة كذبها في أسلحة صدام المزعومة والتي أدت إلى غزو العراق، والأسد ينفذ رغبات المعسكرين بهدف الإبادة الشاملة والتي تغذيها فصائل إيرانية وحزب الله ومجاميع عراقية دون أي استنكار للإبادة البشرية بأسلحة محرمة قانوناً وعرفاً.. لقد قال كيسنجر في إحدى كتاباته «إن تحريك القلاقل الداخلية أهم من التدخلات العسكرية المباشرة» وسورية والمنطقة العربية تعيش هذه الخطط المرتبة سلفاً ب «الفوضى الخلاقة»، و«الحرب الناعمة» أي تطبيق هذه المصطلحات بروح الانتقام.. اصطدمنا بالغرب منذ الحروب الصليبية وحتى اليوم وروح الصليب لا تزال بارزة حتى لو ظهرت أوروبا وأمريكا بشعارات التعايش والسلام وفرض القوانين وعدم التغاضي عن الاعتداء على الحقوق الإنسانية، فهي معانٍ في فلسفة القانون، وغير معمول بها إلاّ ضمن تنفيذ الرغبات وتأكيد المصالح، وسورية ضحية أحقاد متراكمة ستستمر طالما بقي العداء قائماً..