السائح السعودي مطلوب في كل الدول المضيفة للسياحة؛ ليس بسبب التزامه بالأنظمة والتعليمات، ولكن بسبب حجم إنفاقه الذي يصل إلى ضعف ما ينفقه السائح الأوروبي، والسبب عدم استخدام السائح السعودي للمجموعات السياحية التي تكون منخفضة التكاليف، بينما يستخدمها السائح الأوروبي، وتسمح له بتوفير أكثر من نصف ما ينفقه نظيره السعودي، وهذه مقارنة مع السائح الأوروبي فناهيك عن الجنسيات الأخرى. وتعتمد ثقافة السائح السعودي على التسوق (الشوبنق)، والفشخرة وفنادق الخمس نجوم، وليس هناك اهتمام بالآثار والمناطق التاريخية والجانب الثقافي لبعض الأماكن الهامة في الدول التي يزورونها، ف"المول" أهم من المتحف في أولوياتهم، وما يحدث في باريس هو الدليل الأكبر، حيث تجد "الشانزليزية" يمتلئ بالسعوديين ومتاحفها خاليه منهم غالباً!. ورغم تفاوت الأرقام في عدد السياح السعوديين المغادرين للخارج، إلاّ أنها لا تقل عن خمسة ملايين سائح سنوياً، حيث ذهب إلى دبي في العام الماضي ما يصل إلى 900 ألف سائح سعودي، وكان السعوديون ضمن أكثر خمس جنسيات زارت تركيا بحسب الأتراك أنفسهم، وتسعى ماليزيا جاهدة لزيادة عدد السياح السعوديون لما ينفقونه، بالإضافة إلى الأعداد الغفيرة التي كانت تذهب إلى مصر وسورية سنوياً. الراتب يكفي! والتناقض الواضح الذي نعيشه هو الشكوى طوال العام من ارتفاع الأسعار محلياً، ومع بدء أي إجازة تجد السعودي يبحث عن مقعد للسفر خارجياً، وينفق اضعاف ما ينفقه داخلياً وبكل رضا، ونشرت وكالات الأنباء عن "عبد المحسن الحكير" -مستثمر بقطاع السياحة- أن عدد السياح السعوديين في الخارج هذا العام يقارب 12 مليون سائح (ثلثا السكان)، يصرفون ما يقدر ب40 مليار ريال؛ فكيف لهذه الأرقام أن تتوافق مع من يقول إن الراتب لا يكفي، وهذا لا ينطبق على الكل ولكن على الغالبية؛ فهناك فقر وهناك ناس بالكاد تسد حاجتها. وعلّق "فهد الشهري" -موظف في القطاع الخاص-، قائلاً: ثقافة السياحة الخارجية موجودة منذ زمن، ولكن في العشر سنوات الأخيرة أصبحت ظاهرة، والكل يسعى لها حتى قليلو الدخل عبر السلف والاقتراض المهم أن يسافر، ناهيك عن متوسطي الدخل والأغنياء الذين كان الأمر يقتصر عليهم، مشيراً إلى أن السفر في حد ذاته مفيد، وله فوائد سبع كما هو معروف، ولكن للأسف الشديد أن ثقافة سياحتنا تختلف عن الآخرين، فهي سياحة الترفيه والتسوق أكثر من أي شي آخر. وأضاف: "بحسب ما تطالعنا به التقارير الإحصائية؛ فإن السائح السعودي ينفق أكثر من 60 في المئة مما ينفقه السائح الغربي؛ بسبب قلة الوعي السياحي وبذَخ الإنفاق، وضعف معلوماته عن البلد الذي يرتاده، وهذه أرقام قريبة من الحقيقة والواقع الذي نراه في البلدان التي نزورها. مضيفا: وبحسب تقرير صدر عن مركز ماس للأبحاث والدراسات التابع للهيئة العامة للسياحة والآثار أكد أن عدد الرحلات السياحية إلى خارج السعودية في فترة صيف 2013 وصلت إلى ستة ملايين رحلة سياحية، مقابل 5.4 ملايين رحلة سياحية في الفترة نفسها من العام الماضي، بزيادة قدرها 10 في المئة، كما قدّر التقرير مصاريف الرحلات السياحية المغادرة بنحو 19.5 مليار ريال، مقابل 18 مليار ريال في صيف العام الماضي، بارتفاع نسبته 8 في المئة، كما يبلغ إنفاق السائح الواحد في الليلة الواحدة 581 ريالاً وبما يعادل 152 ألف ريال كل دقيقة ينفقها السعوديون في السياحة الخارجية، وهذه الارقام تتناقض مع ضعف دخل المواطن وارتفاع الحياة المعيشية. وأشار إلى أن هناك ارقاماً ذكرتها صحيفة "التايمز" البريطانية مبالغاً فيها بعض الشيء، ولكنها مؤشر على قوة الانفاق، حيث بينت أن السائح السعودي ينفق 1900 باوند في التسوق ليوم واحد، مقارنة مع 550 باونداً للأمريكي، و120 باونداً للبريطاني، وتضمن التقرير ارتفاع زيارة السعوديين بنسبة 22.1% على أساس سنوي، وارتفاع إنفاقهم بنسبة 70%، يقابله ارتفاع عدد الزوار الإماراتيين إلى 120 ألفاً، بزيادة 10% عن العام الماضي. قرض السفر من جانبه قال المواطن "عمرو أحمد": إن التوجه نحو السياحة الخارجية حقيقة واقعة؛ ففي كل بلاد العالم أصبحت تجد السائح السعودي، وهناك محبون لاكتشاف بعض البلدان، وهناك من يفضل أن يزور في كل سفرة بلداً مختلفاً، وهناك من يعاكسهم في الرغبة، حيث يفضل الذهاب للبلد الذي يرتاح فيه؛ لهذا نجد أن دبي هي الوجهة الأولى للسياح السعوديين، وسابقاً كانت القاهرة قبل الأحداث السياسية التي تشهدها مصر. وأضاف أن المشكلة ليست في السياحة نفسها، ولكن في فهمنا لها، وكيفية السفر، ووفقاً لتقرير صادر عن شركة "بروموتر لندن آند بارتنرز"، يتميز السعوديون الذين يزورون العاصمة البريطانية لندن بأعداد كثيفة في الصيف بقوة شرائية كبيرة؛ تفوقت على قدرات الزوار من الجنسيات الأخرى، بل وتفوقوا على البريطانيين أنفسهم. وأشار إلى أن الإنفاق مبالغ فيه بعض الشيء، خاصة لمن يذهب للسفر بقرض أو سلفة، مستشهداً بأحد الزملاء الذي يسافر كل عام بالسلف حتى وصل به الأمر إلى شراء (مكيفات) وبيعها فأصبح معروفا بصاحب "سفرة المكيفات"، وهذا قلة وعي؛ لأن الإنسان لابد أن يعرف كيف ومتى وأين وكم معه حتى يسافر، موضحاً أن من بين الاحصائيات التي اطلعت عليها أن السعوديين يقضون ما معدله 30 مليون ليلة خارج المملكة، وأن أكثر معدل الصرف على السياحة في الخارج يتصدره السعوديون من بين جميع دول الخليج، بمتوسط صرف 500 ريال يومياً للفرد الواحد، وهذا يعطي مؤشراً على أننا ولله الحمد نتمتع بدخل جيد، ولكننا نسيئ استخدامه!. السائح السعودي ينفق ضعف نظيره الأوروبي أثناء السفر والبركة في التسوق