الأخبار الجيّدة تقول: إن أربع صحف سعودية محلية مطبوعة وخامسة الكترونية نجحت في أن تضع مواقعها الالكترونية ضمن قائمة المائة الأوائل على مستوى العالم العربي، وكما تشير قاعدة بيانات شركة «اليكسا » لهذا الشهر فان هذه النتيجة المشرفة للصحف السعودية جاءت لتمثل ثلث عدد المواقع التابعة للصحف العربية مجتمعة (يوجد 15 موقعاً لصحف عربية مطبوعة في قائمة أكثر مائة موقع عربي زوارا). وقد احتلّت جريدة «الرياض» الالكترونية المرتبة الأولى (سعوديّا) وأتت في المرتبة الثلاثين (عربيّا) على مستوى (جميع) المواقع العربية على شبكة الانترنت بحسب معادلة التصنيف التي تتبعها شركة «اليكسا». ومما يلفت الانتباه في قائمة المواقع الإعلامية العربية الأكثر زوارا ورود عدد من المواقع الإخبارية المستقلة والتي لا تتبع مؤسسات إعلامية راسخة القدم في الصناعة الإعلامية مما يضاعف التحديات أمام مؤسسات الصحافة العربية. وهذه فرصة لإعادة تذكير المؤسسات الصحفية بنتائج وتوصيات دراسات سابقة اهتمت بقضايا وتحديات الصحافة الالكترونية العربية في عصر المنافسة الشرسة في سوق الإعلام والنشر. ومن هذه التوصيات إدراك أهمية التوسع في برامج وخطط التطوير الفني لمواقع الصحف واعتماد استراتيجيات منتظمة ومجدولة لتدريب العاملين على المواقع وتحديث معلوماتهم، كما يُنصح بزيادة الاهتمام بالخدمات ذات السمة الجماهيرية مثل التواصل عبر البريد الالكتروني، والحوارات المباشرة، وتطبيقات جلب التفاعل مع المواد المنشورة، وكذلك التوسع في تقديم بعض الخدمات المجانية بما يكفل اجتذاب المزيد من القراء. ولتلافي ما يلاحظ من ارتباط يكاد يكون تاما (شكلا ومحتوى) بين الإصدار المطبوع والالكتروني من نفس الصحيفة تنصح الدراسات بالبدء بوضع الخطط الكفيلة بتمكين النسخة الالكترونية والعاملين عليها من الاستقلال التدريجي عن الصحيفة المطبوعة وذلك بإعطائهم المزيد من صلاحيات النشر التي تمكنهم - وفق خطوط عامة - تطوير سياسة نشر محتوى خاص بالموقع، وتحفيزهم لاستنباط أساليب جديدة لجذب المزيد مع القراء وبالتالي المعلنون. ولا يتأتى ذلك إلا بتنمية الوعي الإداري بأهمية الانترنت كوسيلة عالمية وجدت لتبقى وتنمو، مما يعني أن على المستثمرين في صناعة الصحف أخذ قضايا تطوير الصحف الالكترونية بالجدية التي تستحقها حيث توضح إجابات بعض مسئولي الصحف في دراسات متخصصة عدم إلمام بعضهم بالمفاهيم والمصطلحات المتعلقة بمحددات النشر الالكتروني عبر الانترنت، كما يتضح من ردود بعضهم أيضا عدم وضوح الرؤية المهنية والإدارية فيما يتعلق ببعض شئون الصحافة الالكترونية من حيث خصائص هذا النوع من الصحافة وعناصر التكلفة وتحديات المستقبل. وفي المملكة العربية السعودية تحديدا يبدو واضحا عدم تصدي أي دار نشر أو جهة تسويقية لموضوع الصحافة الالكترونية بالشكل الذي يطمئن على قرارات وخطط المستقبل في هذا المجال. وهذا ما يستدعي التأكيد على أهمية الاستثمار في الدراسات والمسوح المعمقة لكشف واقع ومؤشرات سوق الصحافة الالكترونية وبيان نقاط القوة والضعف فيها، وتحديد أبرز المعوقات التي يمكن أن تعترض سبل تطويرها وانتشارها. ومن المهم في هذا السياق أيضا دعم جهود العمل الجماعي والمشاريع المشتركة بين الصحف وتبادل الخبرات في مجال تطبيقات الانترنت، والعمل على إنشاء مراكز تدريب صحفية حديثة تشترك في تمويلها المؤسسات الصحفية بحيث يمكن من خلالها تركيز النفقات والانتفاع بالخبراء بشكل تكاملي. ومما يوصى به أيضا تحفيز المؤسسات الصحفية القادرة لدعم أقسام الإعلام في الجامعات وتمويل كراسي وبرامج تدريس مخصصة للصحف الالكترونية، ويمكن أيضا تقديم المنح الدراسية في الداخل والخارج للمتميزين من طلاب الإعلام، وتوجيههم نحو دراسات صحافة الانترنت خاصة وتطبيقات الانترنت في مجال الإعلام بشكل عام. لا مناص إذا من التعامل مع حقائق الواقع ولا بد أن تعي الصحافة العربية قدرها في عالم الانترنت فستظل تعاني من مسألة عدم تحقيق موارد مالية كافية من مواقعها الالكترونية، وهي مشكلة عالمية سببها أن مستخدمي الانترنت يقاومون بضراوة دفع المال مقابل الأخبار الالكترونية، كما أن المعلن التقليدي مازال يصر على أن يرى إعلانه ويقلّبه (مطبوعا) بين يديه نتيجة لثقافة ترسّخت لا يمكن محوها في زمن قصير ولكن لابد من الاستمرار فالنجاح قد يصنع من الفشل. مسارات قال لمحدثه ومضى: لماذا لا تلتمس العذر لمن يتفنّن في (الإساءة) إليك، فلعل هذا أفضل ما يجيده (المسكين)؟ fayez @alriyadh-np.com