حذّرت "جمعية أواصر" الشباب من الزواج أثناء سفرهم خارج المملكة، كما شددت وزارة الداخلية على أهمية حصول المواطنين على إذن الموافقة قبل الزواج من أجنبية؛ للحد من انتشار سلبيات الشكاوى في المحاكم، والأطفال المنقطعين في الخارج، كما تصان حقوق المرأة وضمان عدم التلاعب بها. وعلى الرغم من تلك الجهود الرسمية، إلاّ أن بعض الشباب لا يزالون يمارسون مثل هذا النوع من الزيجات غير المشروعة نظاماً، وظهر مؤخراً ما يُعرف بينهم الزواج بنية "البوردنغ"، حيث يتزوج الشاب طيلة أيام السفر بعقد مصدق من محامٍ وشهود على الورق، وحينما يغادر ويضمن حصوله على كرت صعود الطائرة "البوردنغ" يلتفت على من معه في الرحلة، ويُشهدهم أنه طلّق فلانة بنت فلان التي أبرم معها عقد الزواج لعدة أيام. ولاشك أنّ الزواج أثناء فترة السفر له سلبيات كثيرة، خصوصاً إذا قصر نظر المواطن على مصلحته الشخصية، وإشباع رغبته الجنسية!، من دون التفكير بما سيترتب على هذا الزواج في المستقبل، وما مصير الأسرة المنتظرة؟، وما الدور الذي سيؤديه في رعايتها وتوفير متطلباتها؟، وهل هو على استعداد تام في البقاء معها؟، والاهتمام بشؤونها أم أنّها فترة وقتية من الزمن، حتى إذا قضى وطره رجع إلى وطنه، وترك تلك الأسرة الوليدة تعاني الفقر والعوز والحاجة والتشرد، حيث إنّ هذا حال العديد من حالات بعض الزواجات، التي تنتهي بعدم الشعور بالمسؤولية، وترك الأسرة الوليدة تعاني الفقر والعوز، إذ إنّ بعضهم لا يقيم لعقد الزواج وزناً، ولا للأمانة عهداً، مخلفين نساءً في حكم الأرامل، وأطفالاً في حكم الأيتام، تدفعهم الحاجة والفاقة إلى أن يمدوا أيديهم للناس، ويناشدوا المؤسسات الخيرية بأن ترأف بحالهم، وتحنو عليهم، وترفع من معنوياتهم، وتسد فاقتهم؛ مما يجعلهم ضحية ظلم وجور آباء أعمتهم الأنانية والتقليد الأعمى، فتركوا خلفهم ذرية ضعافاً عالة يتعففون الناس. وعود الحياة الهانئة ينتهي مع بطاقة «البوردنغ» طلاق في المطار وذكرت "لانا" -تحمل إحدى الجنسيات العربية- في اتصال هاتفي ل"الرياض" أنّ صديقتها أصيبت بصدمة كبيرة بعد أن طلقها زوجها وهو في المطار -بعد الحصول "البوردنغ"- قبل عودته إلى المملكة، حيث أبلغها برسالة جوال، مؤكّدةً على أنّ بعضاً من الشباب يأتون للزواج بهدف تفريغ شهواتهم، ولا يدفعهم للزواج حب تكوين أسرة أو التزامات مترتبة على الزواج الحقيقي، مضيفةً: "ننشط في بلدنا، وندعو لعدم قبول الزواج من شخص أجنبي، علماً أننا ندرك أنّ الفتاة تتزوج عادة بسبب إغراءات مادية يقدمها الرجل، وتكون كاذبة في معظم الأحيان، ومثل ذلك الزواج سرعان ما ينتهي بعد قضاء الحاجة، ونعرف كثيراً من الفتيات ذهبن ضحية لمثل هذه الزيجات، التي تكون سلبية على الفتاة التي تجد نفسها في نهاية المطاف متروكة من دون نفقة، وغالباً ستجد نفسها في الشارع تتسول المارة، أو قد تتدمر حياتها لتنحرف -لا سمح الله-". مجرد شهوة! وقال "د.محمد المسعود" -محامي-: "هناك مشاكل اجتماعية وقانونية تتعلق بمثل هذه الزيجات التي تنتهي بالخداع سريعاً، ومن الضروري أن تنشأ جمعيات ومؤسسات مجتمع مدني تعالج مثل هذه الأخطاء وتدعو للم الشمل، كما أنّ الرجوع عن الخطأ فضيلة، وهذا ما نود التركيز عليه، ومن لم يكن قادراً على تحمل مسؤولية الزواج عليه أن لا يقدم عليه، فهناك إمكانية محاكمة الشبان المتلاعبين بالفتيات في الخارج، فالقانون لا يمكن خداعه أو الهروب منه، خاصةً إن عرفنا بأنّ زواج المواطن من غير سعودية والعكس محكوم بضوابط قررها مجلس الوزراء برقم (824) في عام 1393ه، كما توجد لائحة وزارية صادرة من وزارة الداخلية عام 1422ه، وتمت مراعاة مصلحة الوطن والمواطن في آن واحد، وإن راجعنا كل ما يتعلق بزواج السعودي من أجنبية أو العكس؛ يتضح لنا بأن الشروط التي وضعت تهدف للحد من الزواج من خارج البلاد، تفادياً للسلبيات التي قد تكون أكثر بكثير من الإيجابيات، كما أنّ الزواج بنية الطلاق لا يجوز ومحرم شرعاً، بالإضافة إلى أنّ طلاق الفتاة بعد الانتهاء منها والرجوع عنها للمملكة يعدّ انتهاكاً صارخاً لحقوقها، إذ يتضح أنّ الزواج مجرد شهوة لا غير، وهذا ممقوت في الدين الإسلامي والأخلاق العربية الأصيلة". د.محمد المسعود عديمو الضمير وأضافت "فاطمة البرجي" -كاتبة- أن الظاهرة -التي بدأت في الانتشار عربياً- تحتاج إلى دراسات معمقة؛ لمعرفة الأسباب، والعوامل، والنتائج، والحلول، مشيرة إلى أن هناك فئة من الرجال -بغضّ النظر إلى أي بلد انتموا- تستغل ظروف ومآسي الفتيات، من أجل تحقيق مآربهم، وينقضون على من تعاني من ظروف كما تنقض الوحوش على الفريسة، فهذا ما لا يقبله دين ولا شرع ولا ضمير ولا يمت إلى الإنسانية بصلة، داعية إلى تمكين وتحصين الفتيات، والعمل قدر الإمكان على حمايتهن وتحسين ظروفهن وتحذيرهن من مغبة الوقوع في حبائل هذه الفئة من عديمي الضمير، كما يجب أن يتعلم المرء من أخطاء من سبقه في الوقوع في الخطأ نفسه. عبدالله الربح توعية الشباب وأشار "عبدالله بن فيصل الربح" -باحث في علم الاجتماع الأكاديمي- إلى أنّ ما يفعله بعض الشبان من الزواج بأجنبية أثناء السفر ثم طلاقها قبيل العودة لأرض الوطن يصل لمستوى الجريمة، التي يجب أن يعاقب عليها الزوج، مضيفاً: "للمرأة أحاسيس ومشاعر قد تُدمر بمثل هذه الأفعال الشيطانية، والصحيح نشر الوعي الاجتماعي لدى الفتيات اللاتي يتم عرض الزواج عليهن، كما يجب أن تخرج مؤسسات لتوعية الشباب بمخاطر مثل هذه الأفعال على الصعيد الاجتماعي والقانوني الذي يحاسبهم في المستقبل".