آراء غريبة.. ومبالغة.. وتحتوي على عبارات تحريض غير مباشرة أتت من مصادر غير عربية.. بعضها أوروبي وأمريكي.. هذه العبارات تطالب بإيجاد الديموقراطية للوصول إلى وجود حكومة موضوعية عادلة.. كلام جميل.. لكن أين ينفّذ؟.. يمكن أن يُقال في مدينة أوروبية أو أمريكية أو أي آسيوية غير عربية تعيش اختلافات في الرأي، وليس تواجد صراعات دموية تريد السيطرة على الحكم.. ثم - وهذا مهم - هل ما يحدث في مصر هو وليد بضعة أشهر، أم هو وليد بضع سنوات كانت فيها الأمور تتجه نحو الأسوأ؟.. مأساة العالم العربي، وفي أكثر من موقع، وجود هبوط مخيف في واقع الأوضاع الأمنية وارتفاع عدد القتلى بين كل مجموعات خلاف.. أمر آخر.. معروف عند الجميع.. ومنطقي لصالح الجميع.. هو أن القدرات العسكرية لم تأت بشمولية سيطرة عملت على إبعاد الجميع.. نعرف - وهو ما أُعلن رسمياً ونُفّذ رسمياً - بأن القدرة العسكرية عملت على استبعاد السيطرة الفردية وإيجاد تنافس موضوعي يؤدي إلى سلطة الحكم المطلوبة.. نعرف أن مصر تعرضت خلال عامين على الأقل لتعدّد حالات هبوط اقتصادي ومعيشي وتصاعد عداوات غير موضوعية.. نعرف أيضاً أن الفريق السيسي لم يعلن نفسه حاكماً لمصر ولم يعط للحضور العسكري القادر على ذلك أي منطلقات سلطة حكم.. مرور عامين فيما سبق تم فيهما فقد المياه وفقد أبسط نوعيات المعيشة وتعدد مظاهر العداوات أمر كان يجب معالجته بتواجد وجهات نظر تصل بالبلد الذي مر بعامين من الضياع إلى استقرار حكم واستقرار حضور اجتماعي.. ونعرف أن اجتماع الإعلان بذلك تم عرضه وكان بين رجاله شيخ الأزهر الأكثر نزاهة دينية، وأن عدداً من الأسماء ذوي الخبرة السياسية كانوا بين مَنْ كُلّفوا بوصول بلدهم إلى استقرار واقع حكم لا يأتي بفرْض فئة معينة، وإنما بفرْض موضوعية تنافسات نزيهة.. وتأتينا براهين الضياع عبر العامين البالغي القسوة في كل مظاهر التنافس.. ليس غريباً أن يستهدف الغرب الواقع العربي بالمزيد من محرّضات الضياع والصراعات، خصوصاً إذا تأمّلنا طبيعة ما يحدث في أكثر من خمس دول عربية خرجت تماماً من أي منطقية حكم، وأصبحت فئات الصراع تمارس سياسات القتل..