يعتبر جون فيلبي من الشخصيات الشهيرة في القرن العشرين بل يعتبر أعظم مكتشفي الجزيرة العربية وتعتبر مؤلفاته من المراجع المهمة لدراسة تاريخ الجزيرة وجغرافيتها في العصر الحديث وبين يدي كتاب حديث عنوانه: (جون فيلبي والبلاد العربية السعودية في عهد الملك عبدالعزيز بن سعود 1915 1953 م) الذي تضمن قصة هذا الرجل العجيب وعلاقته بالمملكة العربية السعودية وقد جاء في خمسة فصول وتمهيد احتوى حديثاً عن نشأة فيلبي والوظائف التي تقلدها في حكومة الهند فيما تناول الفصل الأول دور فيلبي تجاه العلاقات النجدية/الحجازية ممثلاً للسياسة البريطانية التي كان آخرها وساطته أثناء حصار جدة بين الملك عبدالعزيز والملك علي بن الحسين 1926م. أما الفصل الثاني فركز على دور فيلبي خلال الفترة 19151921م بشأن العلاقات النجدية/الكويتية وفي الفصل الثالث تحدث المؤلف عن نشاط فيلبي التجاري وأثره في تحديث الدولة السعودية. في حين اختص الفصل الرابع بدور فيلبي في العلاقات السعودية الأمريكية خلال الفترة 19281945م أما الفصل الخامس والأخير فتناول شيئاً من رحلات فيلبي في الجزيرة العربية وملامح شخصيته وآراءه ومغادرته السعودية وأبرز مؤلفاته. وقد ذيّل الكتاب بكمية مبالغ فيها من الملاحق!! ربما ظهر في هذه الدراسة التوثيق والاستعانة بمصادر متنوعة إلا أن المؤلف يميل إلى جمع المعلومات ونقلها من المصادر دون التحقق من صحتها أو تحليلها ولذلك لم تصل إلى استنتاجات جديدة بقدر دعمها للصورة النمطية المبالغ فيها والتي رسمتها بعض المصادر غير المحايدة لفيلبي كشخصية أسطورية تصنع الإمبراطوريات وتحطم الممالك في محاولة لإلباسه لباس لورنس وغلوب لهدف أو لآخر! وإضافة إلى تجاهلها لبعض المصادر نلاحظ عدم اعتمادها على مؤلفات فيلبي مباشرة عند استجلاب بعض المعلومات! والحقيقة أن فيلبي رجل انجليزي انتدبته الحكومة البريطانية لمفاوضة الملك عبدالعزيز أثناء الحرب العالمية الأولى وبعد انتهاء مهمته ظل فيلبي على اتصال ودي شخصي بالملك عبدالعزيز لا علاقة له بالعمل السياسي ثم ان فيلبي تقلب بعد ذلك في وظائف الحكومة البريطانية التي كان آخرها معتمداً للحكومة البريطانية في شرق الأردن إلا أنه بسبب خلافات في وجهات النظر بينه وبين حكومته قدم استقالته وقطع كل علاقة رسمية له بالحكومة البريطانية، عندئذ لجأ إلى صلاته الشخصية القديمة مع الملك عبدالعزيز وقدم إلى جدة التي كانت وما زالت مدينة مفتوحة بهدف التجارة لأنه يعلم أن هذه الدولة الناهضة مقبلة على تحديث شامل وتطور مشهود فأسس (الشركة الشرقية) وأصبح وكيلاً وحيداً لعدد كبير من الشركات الصناعية الشهيرة وعلى رأسها شركات فورد وبيتر وسنجر فكان يعمل على توريد بضائع عديدة من السيارة إلى الكبريت ثم تقوّت صداقته مع الملك عبدالعزيز بعد إسلامه سنة 1349ه فكان أخاً في الإسلام وصديقاً شخصياً للملك قبله وبعده، ولا شك أن صداقة فيلبي للملك عبدالعزيز ساعدته في تجارته فقد كانت الحكومة أكبر عملاء شركته كما أن الملك عبدالعزيز كان أكبر داعم له في رحلاته واكتشافاته ولكنه لم يكن يسمح له بالتدخل في السياسة الخارجية للمملكة وإذا تحدث بأي حديث قد يفهم منه أنه يمثل وجهة نظر الدولة السعودية كان التكذيب لحديثه منشوراً في الصحف والتأكيد على أنه لا يمثل إلا نفسه، وإن تبادل الملك معه الأحاديث يوماً أو كلفه بعمل ما فهو من باب الصداقة لكنه طيلة تواجده في المملكة لم يكن له صفة رسمية لا في المملكة ولا في بريطانيا.