يعيش المسلمون هذه الأيام المباركة من شهر رمضان المبارك وقلوبهم وأفئدتهم تتوجه في كل لحظة وحين نحو بيت الله الحرام وقبلة المسلمين ومهبط القرآن المبين ومتنزل الرحمات من رب الأرض والسموات حيث يشاهد ويرقب هذا المنظر المهيب كل من زار هذه البقعة الطاهرة أو شاهدها عبر شاشات التلفزة التي تنقلها إلى أنحاء العالم وهم يرقبون ما حبا الله هذا المكان الشريف من أمن وطمأنينة وخير عميم استجابة لدعوة أبينا إبراهيم الخليل عليه السلام في قول الله تعالى على لسانه عليه السلام (رب اجعل هذا البلد آمناً واجنبني وبني أن نعبد الأصنام) وقوله تعالى: (أولم يروا أنا جعلنا حرماً آمناً ويتخطف الناس من حولهم). تداعتْ إليَّ هذه المشاعر وأنا أتأمل تلك الأعمال الهائلة التي تقوم بها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود أيده الله بتوفيقه وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني حفظهم الله خصوصاً في هذه التوسعة التاريخية الهائلة التي لم يشهد الحرم المكي الشريف مثلها بل لقد عشتُ عمري وأنا أتمنى تلك اللحظة التي ييسر الله سبحانه وتعالى على المسلمين توسعة المطاف والتي كانت حلماً ليس لي وحدي بل لكل مسلم ومسلمة حتى هيأ الله لها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود في دلالة توفيق واضحة للعيان ونظرة ثاقبة كبرى لمقامه الكريم حفظه الله . ولقد كنتُ أشارك وما زلتُ بفضل الله في مواسم الحج لخدمة ضيوف الرحمن وألْتقي وأجتمع بالوفود والشخصيات الإسلامية التي تُجمع بلا مجاملة أو مواربة على ما يلقاه الحرمان الشريفان من رعاية وعناية واهتمام من لدن حكومتنا الرشيدة لم يشهد التاريخ لها مثيلاً. ولعل من أبرز ملامح العناية بالحرمين الشريفين من قبل هذه الدولة السعودية الراشدة منذ تأسيسها على يد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود طيب الله ثراه ما يلي: 1 إنها تنفق على الحرمين الشريفين بسخاء وبذل وعطاء بلا من ولا أذى ولا تتوقف أبداً عن هذا البذل والعطاء مهما أصابها من أزمات مالية أو قلة موارد وذلك ليقين ولاة أمرها وقادتها حفظهم الله بان ما ينفق على الحرمين الشريفين مخلوف بإذن الله وهذا شاهد شاهر وواضح للعيان فموارد المملكة تزداد وفواتح الخير والبركات تنهمر ولا شك أن من أسبابه الإنفاق على الحرمين الشريفين وحجاج وعمار بيت الله الحرام وزوار مسجد الرسول). 2 إنها تفتخر وتعتز بهذا الشرف العظيم في كل محفل ومناسبة وتؤكد أن خدمة الحرمين الشريفين شرف لا يعادله شرف. 3 إن العناية بالحرمين الشريفين لم تقتصر على جانب العمارة والتوسعات فقط بل صاحب ذلك العناية بالحجاج والمعتمرين والزائرين وإفطارهم في رمضان وتزويدهم بماء زمزم سقيا مشروع الملك عبد الله بن عبدالعزيز وكذلك تقدم الخدمات اللازمة من قبل الجهات المسؤولة وعلى رأسها أمن الحجاج والمعتمرين والزوار وماتبذله الجهات المساندة الأخرى وفي مقدمتها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد ممثلة في معالي وزيرهاالشيخ/صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ والتي تحمل هم الرعاية الشرعية والدعوية للحجاج والمعتمرين والزائرين وترسيخ العقيدة في نفوسهم وتزويدهم بالمصاحف والكتب التوجيهية والرسائل الدعوية والإجابة على أسئلتهم واستفساراتهم. 4 إن من دلائل التوفيق لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -حفظه الله- إضافة إلى ما ذكر هذا الوقف العظيم المعروف ب(وقف الملك عبد العزيز) الذي يؤكد للعالم أجمع أن العناية والرعاية للحرمين الشريفين لا تتوقف عند وقت أو زمان بل نأخذ بمبدأ الوقف الإسلامي الذي قام بإحيائه من جديد - حفظه الله - ولا يمكن لي في هذه العجالة أن آتي على تفاصيل ودقائق العناية بالحرمين الشريفين من قبل دولتنا المباركة وأجهزتها المختلفة وقطاعاتها المتنوعة ولكن ما أشرت إليه في مطلع المقال من أن الجميع يستطيع أن يشاهد ذلك عياناً عبر التلفزة فهو شاهد صدق ووفاء على ذلك كما إنني أجدها فرصة أن أؤكد الدعوة التي أطلقها علماؤنا الأفاضل ومشايخنا الأجلاء إلى عموم المسلمين بضرورة التخفيف على المسلمين في هذين العامين عمرة وحجا وذلك إبان المشاريع التي يشهدها الحرم المكي الشريف وخصوصاً المطاف وزيادة طاقته الاستيعابية إلى الضعف. ولا شك أن هذه الدعوة التي أطلقها العلماء الأجلاء جاءت بعد دراسة شرعية متأنية للمصالح المترتبة على ذلك وأن على الإخوة المواطنين والمقيمين وعموم المسلمين تأجيل العمرة والحج حتى يتم الانتهاء من تلك المشاريع العملاقة التي يشهدها الحرم المكي هذه الأيام. وختاماً أسأل الله تبارك وتعالى أن يبارك في جهود خادم الحرمين الشريفين على ما قدم ويقدم لحجاج بيت الله الحرام وعماره وزوار مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم من خدمات جليلة وأعمال عظيمة وأن يجزيه الجزاء الأوفى ويجعل ذلك في موازين حسناته ويشد عضده بنائبيه إنه على كل شيءٍ قدير وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. * المستشار بوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد