عيدنا (شو).. أدق وصف يراه البعض لمظاهر العيد لدينا بعد أن تخلى الناس عن مقاصد الفرح الحقيقية، حيث أصبحت المظاهر في وقتنا الحاضر هي الغالبة على كل مناحي حياتنا اليومية، وهي الهم الأكبر لدى الكثيرين. وعلى الرغم من أن العيد هو فرحة الفقير قبل الغني، إلاّ أن اهتمام الناس بالمظاهر أصبح يشكل عبئاً على رب الأسرة أو قليلي الدخل، وحتى على متوسطي الدخل؛ لأن كل أفراد الأسرة أصبحوا يبحثون عن الكماليات التي تلفت الأنظار، معتبرين أن نقص هذه الكماليات يقلل من نظرة الناس لهم، بينما في السابق كان الأمر يقتصر على اللبس فقط وبعض الحلل الذهبية، أما الآن ومع وجود ما يُعرف بلبس (الماركات) والجوالات الذكية ذات الأسعار المرتفعة أصبحت المباهاة مكلفة، والانسياق وراءها يؤدي الى التهلكة وتراكم الديون. وقالت السيدة "إلهام قشلان" لم يقل أحد أبداً أنه لا بد من لبس الجديد، ولكن المطلوب هو اللباس النظيف وإن كان قديماً، بحيث يكون المسلمون يوم العيد في صورة حسنة ومظهر حسن؛ لأنه يوم فرح المسلمين بإتمام موسم عبادة، ولبس الجديد هو في الأساس للتعبير عن الفرحة والبهجة بقدوم العيد، مشيرة إلى أن العيد لا يكون بالمظهر فقط؛ فهناك مقاصد أولى منها وهي زيارة الأهل والأقارب وصلة الرحم؛ فهذه الأمور مستحبة في كل وقت، لكنه يتأكد في هذه الأيام، خاصة الوالدين؛ لأن فيه إدخال أعظم السرور عليهما، وهو من تمام الإحسان إليهما الذي أمر الله به في كتابه. وأضافت: "من المفترض التوسعة على الأولاد في الأكل والشرب واللبس ولكن من غير إسراف، فالإسلام دين وسط ودين محبة ودين سعادة، والفرح يوم العيد مطلوب والسعي وراء كل ما يدخل البهجة في النفس مطلوب، ولكن أن يكون في حدود المعقول والمنطق"، موضحة أننا في الوقت الحاضر اصبحت (الماركات) هي الغالب على اللبس، واصبح التفاخر بنوع الماركة وقيمتها أكثر من الاهتمام بالبحث عن السعادة. من جانبه قال "يحى جمل" إن الباحثين عن السعادة في المظاهر هم أكثر الناس كآبة؛ لأنهم لا يقتنعون بما يمتلكون ونظرتهم لما مع غيرهم، وللاسف أننا اصبحنا نحكم على الناس من مظاهرهم، مشيراً إلى أننا في العيد ابتعدنا عن مقاصده الحقيقة في السعي لإدخال والسرور على النفوس، خاصة اقرب الناس لنا، وانشغلنا بالبحث عن الملابس والكماليات حتى كلّفنا أنفسنا وعلى من هم اقل منّا دخلاً، فلو حكّم الإنسان عقله لوجد أن المبالغة الحاصلة في المظاهر تضر المجتمع ككل؛ لأنها تستنزف متوسطي الدخل وتشكل عبئاً على الفقير، ولن نصل إلى مستوى الأغنياء مهما فعلنا، وهذه الأمور تحتاج إلى توعية ومسؤولية كبيرة. وأضاف:"للأسف أن حب المظاهر لم يعد يقتصر على النساء فقط، بل حتى الرجال والشباب أصبحوا يتظاهرون بماركات الساعات والجوالات والأحذية، وغيرها من الكماليات التي يرون أنها هي مصدر نظرة المجتمع الإيجابية تجاههم، وهو فهم خاطئ، وبالمقابل لا يعني هذا أن نهمل في ملبسنا وفي هندامنا، ولكن لابد من الوسطية، وأن نعي أن الله وزع الرزق وفق ما يراه فمن الجهل أن يقارن الإنسان ذو الدخل المتوسط أو المنخفض نفسه مع الأغنياء". ويشاطرهم الرأي "رائد جبران"، قائلاً: في السنوات الماضية أصبح الشباب ينافسون السيدات في التفاخر بلبس الماركات، بل حتى بعض كبار السن يلهث وراء الساعة الماركة، والقلم الماركة، بل وصل الأمر إلى الشماغ الماركة، وهذا ربما يعبّر أحياناً عن نقص في شخصية الإنسان، خاصة الرجل لأن المرأة جُبلت على حب المظاهر، ولكن الرجل يفترض انه موجة للأسرة. وأضاف: في العيد تبرز ظاهرة التفاخر بالملابس؛ لأن الكل يسعى لإظهار ما لديه، وللأسف أن الغالبية لا يراعي شعور الآخرين غير القادرين على مجاراتهم، والكل يهتم بنفسه، وكيف يظهر أمام الناس؛ حتى في مصليات العيد ترى كل أنواع الاستعراض والبهرجة، مشيراً إلى أن العيد فرح للكل، والله شرع زكاة الفطر حتى يستغني الفقير في هذا اليوم، ويفرح مع الناس، ولكن اعتقد في وقتنا الحاضر الفقير لا يمكن له أن يفرح مع هذا المظاهر، خاصة الذين يريدون أن يلبسوا مثل غيرهم، ولا يعرفون أن هذا اللبس بمبالغ كبيرة، مستدركاً: "صحيح أن الارزاق موزعة بعلم خالق الخلق، ولكن الله ميز الانسان بالعقل؛ ليميز ويتفكر فهو محاسب، وصحيح أيضاً أن الله يحب أن يرى نعمه على عبادة، ولكن من غير إسراف وخيلاء.