حين نتحدث عن "الخدمة الاجتماعية" باختصار فيمكن أن نقول إنها مهنة إنسانية ذات رسالة تهدف بالدرجة الأولى لخدمة الإنسان باعتباره جزءًا من المجتمع من خلال مساعدته على حل المشكلات التي يعاني منها بناء على الدراسة والتشخيص والعلاج المبني على أسس وقواعد بالإضافة إلى أنها خدمات مهنية ومجهودات منظمة ذات صبغة علاجية ووقائية وإنسانية لتحقيق التكيف الاجتماعي لأفراد المجتمع فهي تلقي بظلالها عليهم ويلمس فائدتها المجتمع بأكمله والأمثلة كثيرة وملموسة في واقعنا. قد يتبادر لذهن القارئ لماذا الخدمة الاجتماعية هي مهنة منسية؟ ومن نساها؟ ولماذا نسيها؟ وهنا سوف أتطرق لمن نسيها من عدة جوانب أما لماذا نساها؟ فهو سؤال سوف نوجهه إلى من يهمه الأمر من الجهات المعنية كي يجيبنا عن هذا الواقع المؤلم الذي تعاني منه هذه المهنة الإنسانية ومنسوبوها. هناك تهميش حاصل من عدة مؤسسات حكومية كوزارة الخدمة المدنية ووزارة التربية والتعليم ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الصحة في عدة مظاهر منها: أولا: من جانب مسمى الأخصائي الاجتماعي واستبداله بمسمى المرشد الطلابي في المدارس وفي ذلك تقليل لقيمة الدور فلابد أن يكون هناك قيمة للاختصاص وهنا يجب إعطاء المسمى توصيفا محددا ومتخصصا حتى يضمن له مكانته وترسيخ دوره لأهمية الدور الذي يقوم به الأخصائي الاجتماعي وهنا يجب النظر إلى هذه النقطة وإعادة المسمى إلى أصله في السابق. ثانيا: محدودية طرح الوظائف للأخصائي الاجتماعي مع العلم أن الحاجة ماسة للأخصائيين الاجتماعيين في كافة الميادين وهي ظاهرة وملموسة ثالثا: توظيف غير المتخصصين من تخصصات مختلفة "الدخلاء" على وظيفة أخصائي اجتماعي وكأنها مهنة من لا مهنة له وفي هذا تعدٍ واضح على هذه المهنة الإنسانية والتي لها آثار سلبية على الأخصائيين الاجتماعيين الذين تخرجوا وأصبحوا مؤهلين لممارسة المهنة ووجدوا من يتعدى على وظائفهم دون رقيب وهم الأحق والواقع يحكي تزايد أعداد المتخرجين عاما بعد عام دون وظائف هذا من ناحية وهو يعد تعدياً أيضا على العملاء المستفيدين والمحتاجين من ناحية أخرى من خلال ممارسة غير المتخصصين للمهنة "الدخلاء" دون أدنى علم بقواعد وأساسيات المهنة وعملهم بناء على الاجتهاد وفي ذلك خطر واضح على العملاء الذي قد تؤدي بهم هذه التصرفات جراء تعامل هؤلاء الدخلاء معهم إلى نتائج سلبية وانتكاسة لحالاتهم والتي تؤثر وتدمر أكثر مما تعالج وتصلح وذلك لجهل هؤلاء الدخلاء بقواعد المهنة القائمة على طرق علمية منهجية فعمل الأخصائي الاجتماعي عمل مهني قائم على أسس علمية لذلك لا يمكن أن نتجاهل هذا العبث من هؤلاء الدخلاء ولهذا النسيان تبعات غير محمودة. رابعا: بدأنا نسمع ونرى بالحقائق عبر مواقع التواصل الإعلانات لبعض الجهات المجهولة والتي تقدم دورات وتمنح شهادات من خلال أصحاب الشهادات الوهمية وفي هذه التصرفات المستفزة مؤشرات خطيرة وتعدٍ واضح على المهنة والمستفيدين منها "العملاء" فلابد أن يكون هناك تصريح مرخص لإجراء مثل هذه الدورات بناء على اعتماد اكاديمي من قبل وزارتي الشؤون الاجتماعية والتعليم العالي لعمل أكثر تنظيم وحفظ للحقوق. خامسا: ممارسة غير المختصين وغير المؤهلين "الدخلاء" على المهنة للاستشارات الأسرية والفوضى الحاصلة لتلك الممارسات وهذا ينذر بتفاقم المشكلات ويؤدي إلى نتائج سلبية. لذلك فإن لهذا الاستمرار بالنسيان تبعات غير محمودة فلابد من وقفة جادة بإيجاد قوانين مفعلة تحمي هذه المهنة الإنسانية ومنسوبيها وعملاءها. ونناشد من يهمه الأمر من الجهات المعنية أن يتخذوا موقف إزاء هذه السلبيات والممارسات الضارة والمسيئة لهذه المهنة الإنسانية. وفي الختام آمل أن تكون الخدمة الاجتماعية المهنة الإنسانية المحمية في كافة حقوفها والمحمية من عبث العابثين والدخلاء عليها والله ولي التوفيق والهادي إلى سواء السبيل.