لا يختلف اثنان أن كلا من الأخصائي والأخصائية الاجتماعية على السواء يعانون من جهل الأغلبية للأدوار والمهام المنوطة بهم أو المفترض أن يمارسوها إن أردنا الدقة .. وأضيف أن الكثيرين باتوا يتجاهلون بل ويمعنون في تجاهلهم وأحسب أن ذلك الجهل والتجاهل لم يأتيا اعتباطا، بل ثمة أسباب واعتبارات عديدة سوف نتطرق لأهمها. أولا: أسباب تتعلق بالإدارة.. من الطبيعي والمعتاد أن مرتادي المستشفيات والمراكز الطبية عندما يستشعرون أن الأخصائي أو الأخصائية الاجتماعية يغلب على مهنتهم أو لنقل السمة الظاهرة والطاغية لمهام عملهم تكمن في تنسيق مواعيد المرضى ونحو ذلك فالمؤكد مهما يبدر من الأخصائي والحالة تلك من محاولات لممارسة دوره الحقيقي كأخصائي والتي هي أصلا خجولة ودون المستوى المرجو.. لذات السبب الأمر الذي يكرس لدى الأغلبية ويؤكد بأن دور الأخصائي فعلا ينحصر في ذلك الإطار الضيق وهو تحديدا علاقات المرضى.. واستطرادا فهذه الاستجابة (السلبية) من قبل المرضى لناحية الأخصائي بطبيعة الحال سوف تضعف من أداء الأخصائي تدريجيا. ثانيا: أسباب تتعلق بالأخصائي.. على قاعدة ما أشرنا أعلاه فإن تجاهل أو تغييب دور الأخصائي بشكل أو بآخر من قبل إدارته وما يترتب على ذلك من استجابة ونظرة غير مرضية للأخصائي من قبل المرضى يجعل الأخصائيين يتأرجحون وإن شئت ينقسمون ما بين مكابد لممارسة مهام مهنته كأخصائي جنبا إلى جنب عمله كمنسق للمرضى وحتى هؤلاء لن يفلحوا في أداء أدوارهم على الوجه الأكمل والمأمول.. ليس لازدواجية وتداخل أعمالهم فحسب بل لعدم تقبل دورهم من قبل المرضى للأسباب آنفة الذكر من جهة ولإحساسهم «الضمني» بأن دورهم المهني مهمش وإن لم يصرحوا بشكل مباشر. والفئة الأخرى من الأخصائيين يعتادون على تلك النظرة ويستسلمون لذلك (الإقصاء) المهني إن جازت التسمية وربما يستعذبون ذلك ويستمرؤونه، وقد يصل بهم الأمر أن ينسوا أو يتناسوا قواعد وأبجديات المهنة. هذا عن الأسباب الجوهرية الموصلة للنظرة القاصرة والضيقة للأخصائيين. أما عن كيفية عقلنة هذه النظرة وتصويب مفهوم المهنة فذلك يتطلب جملة من الأساليب والتدابير وهي على النحو التالي :- أولا الأخصائي: يتعين على الأخصائي أو الأخصائية (لا فرق) ألا يستكين ويرتهن للوضع سابق الذكر. بادئ ذي بدء أن يطالب بحقه بممارسة مهنته كما ينبغي. وبمقتضى قواعد وأسس المهنة.. فعليه أن يتفهم ويفهم الآخرين بأن دوره أكبر بكثير من مجرد تنسيق المواعيد وغيرها. ولا أقصد هنا التقليل من دور المنسق بل غاية المقصد أن الأخصائي مهني متخصص فلماذا لا يستفاد من علمه ويعتد بقدراته وإمكاناته وفي السياق ذاته لا أقصد أن يتمرد الأخصائي على إدارته بل المراد المحاولة تلو المحاولة ولن يشق عليه ذلك فهو أخصائي اجتماعي ويفترض فيه القدرة على الإقناع وتوصيل الغاية بأسلوب وأريحية ومن غير المفيد ولا من المنطقي ألا تقتنع الإدارة بوجاهة طلب الأخصائي الذي يعتبر حقا مهنيا لا مراء فيه وخصوصا إذا علمت الإدارة أن ذلك سوف يعود بالفائدة على المستشفى. هنا يبرز دور الأخصائي بعد تحرره من قيود التهميش وطوق التجاهل، وعليه أن يثبت جدارته ومهارته في ممارسة مهنته وستعززه نظرة المرضى التي سوف تتغير وإن بشكل تدريجي. ثانيا الإدارة: واقع الحال أستغرب من أسلوب بعض إدارات المستشفيات الذين يفترض بهم العلم والثقافة، ويعول عليهم بالوعي والدراية الكافية بدور الأخصائي وأثره البالغ الأهمية جهة المرضى. ومع ذلك ينحون إلى التقليل من دوره، أما إذا كانوا لا يستشعرون أهمية دور الأخصائي فتلك مشكلة أكبر، عموما يتلخص دور الإدارة إذا ما أرادت فعلا التخلص والانعتاق من نظرة المرضى (المغلوطة) إلى الأخصائي بإعفائه من أي أعمال ومهام بعيدة عن مجال اختصاصه وتفريغه لممارسة مهنته وتقديمه للمرضى كمتخصص في الجوانب الاجتماعية، ولمقتضيات المهنة يجب أن يزود الأخصائي بما تتطلبه تلك المهنة ويمنح المزيد من الصلاحية ومساحة أكبر للتحرك ليتسنى له ممارسة عمله وفق ما ينبغي ولا غرابة أو تفضل في ذلك فمهنة الأخصائي تستحق وتستوجب الكثير فيكفينا أن نعلم بأن تلك المهنة لا تقل عن مهنة الأطباء والجراحين فهؤلاء وأولئك ينتهي دورهم بمجرد المعالجة أو إجراء العملية.. أما الأخصائي فدوره يسبقهم في تهيئة المناخ الاجتماعي والنفسي للمريض ومساعدته على تقبل المرض والتخلص من القلق والمخاوف التي عادة ما تسبق العملية ويستمر هذا الدور والتواصل مع المريض حتى بعد شفائه وتعافيه.. فمعلوم لدى الجميع أن آثار المرض وتبعات العملية واختلاطات العلاج لها أثرها وأبعادها الاجتماعية والنفسية التي قد تستمر طويلا. واقع الأمر لا يتسع المجال في هذه العجالة لاستعراض مهام الأخصائي واستيفاء حق مهنته الإنسانية. ثالثا : دور الإعلام.. تأسيسا على ما تقدم يجدر بوسائل الإعلام الاضطلاع بدورها المهم في إبراز أهمية دور الأخصائي الاجتماعي من خلال التحقيقات الصحافية في الصحف والمجلات وبالتوازي إجراء المقابلات التلفزيونية مع متخصصين وأكاديميين في هذا المجال ولهم القدرة على تغيير المفهوم المخطئ والنظرة القاصرة والضيقة للأخصائي. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 229 مسافة ثم الرسالة