أكًَّد مُختصون على ضرورة تقديم خدمات الرعاية التأهيليَّة الطبيَّة للمريضة النفسيّة وُفق أساليب علميَّة تُراعي ظروفها وأسرتها، بما يتوافق مع عادات وتقاليد المجتمع، وذلك بهدف تحسين حياتها ومساعدتها وأسرتها على تجاوز أزمة المرض النفسي والتعايش معه والوقوف إلى جانبها؛ لتتمكَّن من التغلُّب على صعوبات الحياة، مُضيفين أنَّ عمليَّة تأهيل المريضة تُعدُّ من أهم الخطوات العلاجيَّة، على الرغم من أنَّها تأتي كآخر مراحل البرنامج العلاجي، مُشيرين إلى أنَّ هذه العمليَّة تُقلِّل من حدوث الانتكاسات النفسيَّة مُستقبلاً لديهن، مُرجعين سبب طلاق عدد كبير من المريضات إلى عدم مصارحة المريضة لزوجها وأهله بمرضها، لافتين إلى أنَّ المريضة بمرض نفسيّ بإمكانها أن تتزوَّج متى كان زوجها الذي ترغب في الارتباط به على درايةٍ تامَّةٍ وعلمٌ مُسبقٌ بحالتها المرضيَّة، إلى جانب استعداده لمساعدتها على تجاوز حالتها المرضيَّة. والتقت "الرياض" بعدد من الحالات التي يتم علاجها بقسم التأهيل في مجمع الأمل بالرياض، واطَّلعت على جانبٍ من البرامج التي يُقدّمها القسم، بهدف المحافظة على استقرارهنَّ، وتحسُّن حالتهنَّ، إلى جانب إكسابهنَّ الدَّعم النَّفسي والاجتماعي، وكذلك التثقيف النفسيّ الصحيّ لها ولأسرتها، وفق خطط محددة ومعدة من قبل فريق التأهيل والرعاية النهاريَّة بالمجمع. جلسات نفسيَّة في البداية قالت "سلوى محمد" -38 عاماً-: "أُصبت بمرض الفصام والاكتئاب منذ الصغر، وبدأت أتجاوب منذ فترةٍ ليست بالقصيرة مع العلاج النفسي"، مُشدِّدةً على أهميَّة العلاج الدوائي والنفسي والتأهيلي في علاج المُصابين بهذا المرض، إلى جانب ضرورة وجود شخص داعم داخل الأسرة لمساعدة المريض على الاستمرار في العلاج؛ نتيجة الخلط الحاصل في المجتمع بين حالات الجنون والمرض النفسي، مُضيفةً أنَّ الجلسات النفسيَّة والبرامج التأهيليَّة التي التحقت بها أفضل كثيراً بالنسبة لها من العلاج الدوائي، مُشيرةً إلى أنَّها أفادت كثيراً من الدورات التدريبيَّة التي التحقت بها، ومن ذلك دورات اللغة الانجليزيَّة والحاسب الآلي، لافتةً إلى أنَّها ملأت عليها كثيراً أوقات الفراغ الكبيرة التي كانت تقضيها في التفكير بشكل سلبي في مراحل حياتها السابقة واللاحقة، إلى جانب جلوسها وحيدةً بمُفردها، مُؤكِّدة على أنَّها أصبحت قادرةً على الانخراط في المجتمع، كما أنَّها تستعد حاليًا للزواج بعد انفصالها عن زوجها السابق. وأشارت "فاطمة عبدالرحمن" -48 عاماً- إلى أنَّها مصابةٌ بفصام وجداني منذ فترة، مُضيفةً أنَّها أفادت كثيراً من ممارستها للأشغال اليدويَّة، مُوضحةً أنَّها أنستها همومها وشوقها الكبير لأبنائها، خاصَّة أنَّها كانت تعيش بعيداً عنهم برفقة زوجها الثاني الذي ارتبطت به عقب تجربة زواج سابقة لم يُكتب لها النجاح، لافتةً إلى أنَّها تحاول دوماً تصميم بعض النماذج التي تُذكرها بأبنائها، مُبيِّنةً أنَّها تُشارك بأعمالها الفنيَّة في العديد من المعارض. وبيَّنت "نورة محمد" -34 عاماً- أنَّ إقامتها في المُستشفى تعود لإصابتها باضطراب وجداني، مُضيفةً أنَّ البرامج التأهيليَّة والأنشطة المقامة في القسم ساعدتها على الاندماج مع العديد من المحيطين بها، مُوضحةً أنَّ عدم إبلاغها للمحيطين بها بحقيقة مرض النفسي أدَّى إلى فشلها في الحفاظ على استقرارها داخل محيط أسرتها، وبالتالي عدم نجاح تجاربها الزوجيَّة لأربع مرات متتالية. جانب من المشغولات اليدوية للنزيلات بمجمع الأمل في الرياض طلاق المريضة وأكَّدت "غادة فطاني" -أخصائية نفسيَّة، ومشرفة على علاج بعض الحالات- على أنَّ اكتشاف المرض لدى بعض المرضى في وقتٍ مُتأخِّر يُؤثِّر بشكل سلبي في عمليَّة علاج هذه الحالات، مُضيفةً أنَّ ذلك لا يعني عدم تحسُّن هذه الحالات، لكون ذلك يعتمد بشكل كبير على استعداد المريض للتحسُّن والوصول إلى مرحلة مُستقِّرة، يستطيع بعدها مُمارسة حياته بشكل طبيعي، مُوضحةً أنَّ ذلك يأتي عن طريق العلاج الدوائي والنفسي والتأهيلي، مُشيرةً إلى أنَّ المريضة بمرض نفسيّ بإمكانها أن تتزوَّج متى كان زوجها الذي ترغب في الارتباط به على درايةٍ تامَّةٍ وعلمٌ مُسبقٌ بحالتها المرضيَّة، إلى جانب استعداد الزوج لمساعدتها على تجاوز حالتها المرضيَّة؛ وذلك لأنَّ المريضة في هذه الحالة غالبًا ما تكون غير قادرة على التعامل مع ضغوط الحياة اليوميَّة. وأرجعت "هند الغصن" -أخصائيَّة نفسيَّة، ومُشرفة على علاج بعض الحالات- سبب طلاق عدد كبير من المريضات إلى عدم مصارحة المريضة لزوجها وأهله بمرضها، مُشيرةً إلى ضرورة التأهيل النفسي والدعم المعنوي لجميع الحالات، وذلك بإكسابهن مهارات مختلفة تُساعدهنَّ على تحسين لغة التواصل مع الآخرين، وتُعينهنَّ -بإذن الله- على التحسُّن والشفاء بشكلٍ أسرع. قسم إكساب النزيلات مهارة استخدام أدوات التجميل أساليب علميَّة وشدَّدت "شاهة السهلي" -أخصائيَّة تغذية علاجيَّة مُكلَّفة بمهام العمل في قسم التأهيل- على ضرورة تقديم خدمات الرعاية التأهيليَّة الطبيَّة للمريضة بمرض نفسيّ وُفق أساليب علميَّة تُراعي ظروف المريضة وأسرتها، بما يتوافق مع عادات وتقاليد المجتمع؛ وذلك بهدف تحسين حياتها ومساعدتها وأسرتها على تجاوز أزمة المرض النفسي والتعايش معه والوقوف إلى جانبها؛ لتتمكَّن من التغلُّب على صعوبات الحياة، مُضيفةً أنَّ الهدف الذي يسعى إليه قسم التأهيل الطبي في المُجمَّع هو منع انتكاسة المريضة، وذلك من خلال تقديم بعض الأنشطة الصحيَّة والنفسيَّة؛ لتتمكَّن المريضة بعد ذلك من مُمارسة حياتها بشكل طبيعي، مُشيرةً إلى أنَّ المريضة تفقد أثناء مرضها مُعظم مهارات الحياة، مثل: النظافة الشخصيَّة، والعناية بالذات، إلى جانب أداء مهامها الحياتيَّة في منزلها، إضافةً إلى مساعدتها على الاعتماد على نفسها إمَّا بشكلٍ كُلِّي أو جُزئيّ، من خلال تعليم المريضة كيفيَّة إعداد وجبات غذائيَّة بسيطة، وكيفيَّة استخدام الأجهزة الكهربائية بطريقة آمنة؛ وذلك بهدف مساعدتها على إدارة شؤون منزلها بشكلٍ جُزئيّ أو كُلِّي. برامج تدريبيَّة وأوضحت "ريم العتيبي" -أخصائيَّة تأهيل، ومشرفة على إعداد البرامج التدريبيَّة اليوميَّة- أنَّ العديد من المريضات من داخل المُستشفى وخارجه، ومريضات الرعاية النهاريَّة بالمستشفى أو من يُحضرهم ذووهم يواظبون على حضور البرامج التدريبيَّة اليوميَّة بمعدل (45) دقيقة يوميَّاً، وذلك تحت إشراف ومتابعة من قبل فريق العمل بالمستشفى، مُؤكِّدةً على تحقُّق العديد من النتائج الإيجابيَّة التي عادت على المريضات، إلى جانب إشغال وقت فراغهن عن طريق مُمارسة العديد من الأعمال الفنيَّة والأشغال اليدويَّة، مُضيفةً أنَّه يتم إتاحة الفرصة للعديد من المريضات المُبدعات في مجال الأعمال الفنيَّة والأشغال اليدويَّة للمُشاركة بأعمالهنَّ في العديد من المعارض والمهرجانات، مُشيرةً إلى أنَّ المريضة تحصل على نسبة (40٪) من ريع تلك المعارض، فيما تتم الإفادة من باقي المبلغ في أعمال أخرى تخص مريضات أُخريات، وذلك لضمان استمراريَّة هذه الأنشطة. جانب من الأعمال الفنيَّة للنزيلات إعادة تأهيل وقلَّلت "د.سناء نصر الدين" -طبيبة نفسيَّة- من أهميَّة تنويم المريضة النفسيَّة لتلقِّي العلاج في المستشفى؛ وذلك لأهميَّة بقائها بالقرب من أفراد أسرتها داخل المنزل، مُشيرةً إلى أنَّ كثرة غياب المريضة عن ذويها يُقلِّل من حجم المسؤوليَّة نحوها، إلى جانب أنَّ علاج المريضة في البيئة التي اعتادت عليها من الأهميَّة بمكان؛ وذلك لأنَّ بعض المريضات يزيد لديهنَّ الاضطراب بمُجرَّد دخولهنَّ للمستشفى، مُضيفةً أنَّ عدد المريضات المُستفيدات من قسم التأهيل بمجمع الرياض بلغ (138) مريضة، حيث بلغ عدد مريضات الرعاية النهارية (43) مريضة، فيما بلغ عدد مريضات قسم الرعاية المنزليَّة (95) مريضة، مُوضحةً أنَّ المريضة بمرضٍ نفسيّ بحاجةٍ ماسَّة إلى إعادة تأهيل يتناسب مع مرضها النفسيّ؛ وذلك لأنَّ القُدرات الذهنيَّة والمعرفيَّة تتدهور لديها بسبب المرض النفسيّ، إلى جانب استخدامها الأدوية النفسيَّة، لافتةً إلى أنَّ المريضة تفقد العديد من المهارات الحياتيَّة، ولذا فإنَّ قسم التأهيل يعمل على تزويد المريضة ببعض البرامج التدريبيَّة التي تهدف إلى إعادة المهارات التي فقدتها المريضة، مُبيِّنةً أنَّ من بين هذه البرامج رحلات التسوُّق، التي تهدف إلى استعادة المريضات مهارة الشراء واختيار ما يناسبها من احتياجات شخصيَّة، إلى جانب برنامج الرحلات الترفيهيَّة، التي تهدف إلى تفاعل المريضات بشكلٍ جيِّدٍ مع المجتمع. علاج بالعمل وأكَّد "خالد بن عبدالله الشهراني" -رئيس قسم التأهيل الطبي بمُجمَّع الأمل في الرياض- على أنَّ القسم يُقدِّم العديد من الخدمات للعديد من أفراد المُجتمع رجالاً ونساءً مِمَّن هم في حاجة إلى تقديم هذه الخدمات، ومن ذلك حالات الإدمان والأمراض النفسيَّة، إلى جانب المرضى الداخليين والخارجيين، سواءً من كان لديهم مراجعات في المُجمَّع أم لا، مُضيفاً أنَّ عمليَّة تأهيل المريض تُعدُّ من أهم الخطوات العلاجيَّة، على الرغم من أنَّها تأتي كآخر مراحل البرنامج العلاجي للمريض، مُشيراً إلى أنَّ هذه العمليَّة تُقلِّل من حدوث الانتكاسات النفسيَّة مُستقبلاً لدى المرضى، لافتاً إلى أنَّ المريضات أكثر إفادةً من المرضى الذكور فيما يتعلَّق بالبرامج التأهيليَّة التي يُنظمها قسم التأهيل بالمُجمَّع، سواءً على مستوى الحالة النفسيَّة والانفعالات أو على صعيد التعامل مع الآخرين، مُوضحاً أنَّ البرامج التأهيليَّة التي يتم تقديمها للمريضات تتمثَّل في الرسم والأشغال اليدوية والطبخ، بينما يتلقَّى المرضى الذكور عدداً من البرامج، التي تتمثَّل في الرسم والأعمال اليدوية والمنحوتات الجبسيَّة والحفر على الخشب، إلى جانب إتاحة الفرصة لهم في المُشاركة بعدد من الأعمال المسرحيَّة الاجتماعية، مُبيِّناً أنَّ برنامج العلاج بالعمل يتم بمُعدَّل أربع ساعات في الأسبوع بما يُناسب ميول واهتمامات المريض، ذاكراً أنَّه تمَّ إنشاء لجنة مُكوَّنة من عدد من الموظفين والموظفات بالمجمع، مُهمتها تنظيم العديد من الأنشطة الخاصَّة بالأعياد والمناسبات الوطنيَّة والعامَّة.