عوالم لا يمكن أن تكرر ومشاهد شهدها الأمس الجميل وعادات أضحت في عداد الماضي، هذا ما تجده في ذاكرة محمد درويش رقام المؤرخ والكاتب الاجتماعي من خلال صفحات كتابه الجديد "جدة داخل السور" وهو في حقيقته ذكريات سردها الرقام على الكاتب عبدالله فراج الشريف فأعدها للنشر وأخرجها في هذا الكتاب. يقول الشريف في مطلع الكتاب: صاحب هذه الذكريات التي سجلت في هذا الكتاب قد عزم علي أن يجمع ذكرياته في كتاب ينشره ليطلع شبابنا على بعض ماضينا وما فيه من صور للحياه، ورأى أني استطيع أن أعينه على هذا العمل، فلما جالسته وتكررت اللقاءات بيننا خلال عامين رأيتني أصادقه وأعجب بذاكرته الحية والتي تنم عن عشق لمدينة ولد فيها وعاش عمره كله على أرضها يفخر بها وبثقافة أهلها وهم من يعيشون في مدينة بحرية من طابعها اللقاء بأهل الثقافات والحضارة من جميع أرجاء العالم. وقد عرض الكتاب في بدايته لسور جدة وأبوابها المتعددة وأبرز المواقع التاريخية بها وأحيائها وسكانها من كافة الطبقات، متوقفا عند عدد من الشخصيات الاجتماعية كعبدالعزيز نعمة الله، وعبداللطيف جميل، وأحمد محمد العشماوي، وعلي هلال، وشحاته قنديل، ومحمد باخالد وعبدالسلام رضوان، وفندي بل الهولندي، وسعيد أبو الجدايل، وبكر إدريس، وفرج يسر، ومعتوق أبوالحمائل، كما عرج إلى بعض مظاهر الحياة في جدة كالحكواتية وهبوط أول طائرة في جدة والذكريات الرمضانية والمقاهي العتيقة ومساجد جدة وحلقات الذكر بها. كما تناول الكتاب أسواق جدة القديمة وعادات الزواج وأنواع الولائم والمطاعم والفنادق والمصانع والحرف والمهن التي عمل بها أهل جدة، والقنصليات الأجنبية والوكالات والشركات وأشهر القضاة ومديري الإدارات الحكومية وكذلك المطربين في جدة، والعديد من الملامح الاجتماعية التي شهدتها جدة في العقود الماضية التي أندثر بعضها أو شارف على الاندثار.