من المستحيل أن يكون افراد أي مجتمع كائناً من كان على درجة واحدة من المستوى المعيشي أو الاجتماعي أو الأسري أو الصحي أو النفسي أو المبادئ أو التوجه الديني ومستوى الاستقامة لديها، لأن التفاوت بين البشر هو من الحكم العظيمة التي أوجدها الله سبحانه وتعالى على هذه الأرض لامتحان وابتلاء الأغنياء وذوي المكانة الاجتماعية فيما أتاهم الله من أموال وجاه ومناصب ليرى منهم وهو علام الغيوب، الصادق الذي ينفق من ماله ويقدم للمحتاج المساعدة المالية أو المعنوية التي تعينه على نوائب الحياة ابتغاء مرضاة الله جلَّ وعلا. دون انتظار شكر من أحد وإنما يريدها من الله فقط. وايضاً امتحان الفقراء في صبرهم أو نفاذه. وكذلك من الحكم الربانية أن يرى رب العباد الكاذب المخادع المنافق الذي يستغل حاجات الناس لمصالحه الشخصية سواء كانت مادية أو معنوية أو لأغراض دنية أخرى. قال تعالى:" "وهُو الّذي جعلكُم خلائف الأرض ورفع بعضكُم فوق بعض درجات لّيبلُوكُم في ما آتاكُم إنّ ربّك سريعُ العقاب وإنّهُ لغفُورٌ رّحيمٌ "الأنعام165 وكذلك قوله تعالى: "أهُم يقسمُون رحمة ربّك نحنُ قسمنا بينهُم مّعيشتهُم في الحياة الدُّنيا ورفعنا بعضهُم فوق بعض درجات ليتّخذ بعضُهُم بعضاً سُخريّاً ورحمتُ ربّك خيرٌ مّمّا يجمعُون" الزخرف32. ونحن كسائر المجتمعات البشرية نجد بيننا، الفقير وصاحب الحاجة الذي لا يجد قوت يومه، من أكل وشرب وملبس ومأوى ونقل. وهذه الحالات فرصة لضعيفي الإيمان ومستغلي الفرص من الفئة المخادعة التي ذكرتها سابقاً لإسقاط الناس وخصوصاً النساء في براثنهم الدنيئة إما باستغلالهن جنسياً بالحرام أو بالحلال على كيفهم (أي يتزوجها ويطلقها كيفما يريد بمعنى أنه زواج متعة في الغالب) أو يستغلهن مادياً ومعنوياً. لذا اؤكد، ومن منطلق الحفاظ على هذه الفئة الغالية من مجتمعنا أؤكد أن بيننا فقراء ومحتاجين، حتى للأكل البائت ليسد جوعهم، وللملبس البالي ليستر عوراتهم. كما نجد في هذا المجتمع المسكين وصاحب الحاجة أو صاحبة الحاجة، وهذه هي محور حديثنا في هذه المقالة، حيث تلجأ صاحبة الحاجة بعد الله سبحانه وتعالى إلى طرق الكثير من الأبواب طلباً للمساعدة والفزعة من فاعلي خير، ولكنها تصادف بعض من يدعي فعل الخير ويتلبس بلباس أهل التقى والصلاح، وكذلك بعض المحامين والمكاتب الخدمية، وبعض من يعمل لدى أصحاب المكانة الاجتماعية المرموقة كأن يكون خويا أو مرافقا أو سائقا، والذي يضمر في قلبه الوصول لأهدافه الرخيصة، المتمثل في الاستغلال الجنسي والمادي بصوره المحرمة، أو بغرض الزواج بها أو بإحدى بناتها مسياراً وتمتعاً. وأنا هنا لا أعمم، لأن هناك فاعلي خير يعملون في جمعيات خيرية مستقيمين على أعلى مستوى من الأخلاق والتفاني في العمل الخيري، ولكني هنا أبين أن هناك من يُخرّب على هؤلاء الصالحين بأعماله المشينة التي لا ترضي الله ولا رسوله. إذ فينا كما أسلفت من فيه خير كبير ويقوم بأعمال خيرية كثيرة احتساباً للأجر والمثوبة من الله عز وجل. فمعظم أوقاتهم مباركة بما يقومون به من أعمال مختلفة ومتنوعة ومتباعدة في المكان من أجل إيصال المعونات من صدقات وزكوات لأصحابها المستحقين لها، دون النظر لجنس من يستفيد من تلك المعونات. ولكن يظل بينهم من في قلبه مرض شهوة حب المال والنساء. فوالله العظيم الذي لا إله إلا هو، أني وقفت على حالات نساء وفتيات تم ابتزازهن عن طريق هؤلاء الدخلاء باسم فعل الخير. ومنهم من يعطي المتبرجة أكثر من غيرها ويقدمها على غيرها من المحتشمات لحاجة في نفسه الخبيثة. فهذه مطلقة مع ابنتها واهلها في بيت مستأجر ولا يوجد لها إخوان، تواصلت معي لتحكي معاناتها نظراً لظروفها المادية القاسية وما صادفته من استغلال لحالها من شخص أدعى أنه تابع لجمعية خيرية وسيقدم لها مساعدة مالية لتسديد أجار البيت عبر قنوات رسمية، أو غير رسمية (تطوعية ذاتية)، وبعد التواصل معه، أجبرها على المجيء في مقر الاستراحة التي يتم فيها توزيع المساعدات، وبعد رؤيته لها كونها ما زالت شابة، حاول أن يغريها بتقديم مساعدة لها أضعاف أضعاف ما تطلب، وأنه سيوفر لها وظيفة رسمية، وهكذا من الوعود الزائفة، شريطة تمكينه من نفسها. وقد وصلتني على بريدي الخاص وصفحة الفيسبوك ومنتداي الخاص أكثر من 12 حالة مثبتة بالأدلة والبراهين والاثباتات كلها حول هذه القضية باسم فعل الخير. وبفضل من الله تم القبض على البعض منهم في حالات تلبس. وانا هناك أُذكّر بكلام الله سبحانه وتعالى حول هذه النوعية من البشر المخادع ومآله يوم القيامة عند قوله تعالى:" "يُخادعُون اللّه والّذين آمنُوا وما يخدعُون إلاّ أنفُسهُم وما يشعُرُون" "في قُلُوبهم مّرضٌ فزادهُمُ اللّهُ مرضاً ولهُم عذابٌ أليمٌ بما كانُوا يكذبُون"البقرة10. فالمجتمع يا اخوان يا اخوات لا يخلو من فاسد في دينه وعقيدته، ولا يلهث إلا لإشباع رغباته الجنسية أو المادية. بمعنى أن هناك ابتزازا جنسيا يختص بصاحبات الحاجات. وابتزازا ماديا لأصحاب الحاجات. ولكن التركيز في هذه الحلقة عن صاحبات الحاجات. وربما تكون الحاجة من اجل طلب العلاج لها أو لأحد أقاربها خارج المملكة، والتي نجد فيها الشق والبعج، وتدّخل الصغير قبل الكبير حتى يأكل من كعكة أمر العلاج. وقد صادفت هذه القضية شخصياً عندما هممت بعلاج ابني في الخارج، حيث وجدت أن هناك ابتزازا واضحا من بعض الوسطاء، إذ يطلبون رشوة عيني عينك حتى يأتوا لي بأمر علاج خارج المملكة. أو يتناسون الموضوع إذا لم يكن لهم نصيب من هذه الكعكة. وهناك الحاجة لعتق رقبة ابنها الذي صدر بحقه حكم شرعي يقضي بالقصاص منه، أو تنازل ذوي الدم عنه، حيث يظهر لنا من مدعي فعل الخير من يتولى القضية احتساباً لوجه الله، وهو في حقيقته كسب الملايين من هذه العملية. وقد صادفت والد أحد المحكوم عليهم بالقصاص يذكر أن أحد مدعي فعل الخير طلب منه 25% من مجموع المبالغ التي سوف يجمعها من وجهاء البلد. وعند رفضه ذلك قال له: قضية ولدك ما فيها شيء يسوى، دور على واحد غيري. وهناك الحاجة للرقية الشرعية، حيث يستغل البعض من مدعي الرقية الشرعية صاحبات الحاجة المريضات بمس او سحر أو حسد أو تعب نفسي، ويطلبون منهن طلبات غريبة عجيبة ابتزازية. وهناك الحاجة لتعبير رؤيا، حيث يستغل بعض مدعي تعبير الرؤى حاجة المرأة لتعبير رؤياها ومن ثم يتم استغلالها. من هنا اؤكد أننا بحاجة من التثبت من شخصيات هؤلاء حتى لو كانت عليهم ملامح وسمات الصلاح، لأن الصالح ليس على جبينه علامة. وأن لا يقدم أحد على موافقتهم إلا بعد التعرف عليهم وهل هم تابعون لجهة رسمية، حتى لا نقع في فخ المخادعين من إرهابيين وشهوانيين. إنشاء لجان نسائية لزيارة هذه الأسر والنظر في حاجاتها والتأكد من صحة ومصداقية هذه الحالات، ومن ثم وجوب الوقوف إلى جانبها ومساعدتها حتى لا ترضخ للابتزاز.