الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين، أما بعد: فقد تابعت ما صدر في الجمهورية الإيرانية عن شركة اتصالات إيرانسل "Irancell" للهواتف النقالة من إساءة مضمنة لصحابي رسول الله صلى الله عليه وسلم وخليفته الراشد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث بعثت برسالة نصية للمشتركين للمشاركة بمسابقة رمضانية واصفةً إياه ب "مفتون الشيطان". ولا ريب أن هذا الوصف مرفوض جملةً وتفصيلاً، وكيف يكون مفتوناً للشيطان بزعمهم وهو الذي كان يفر منه الشيطان، بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم وخبره. وهذا الوصف المزعوم لا يليق قذف آحاد المسلمين به، فكيف بسيدنا عمر بن الخطاب، وهو صحابي جليل له مكانته وفضله، ومناقبه كثيرة جداً، والإساءة إليه إساة لنبينا محمد عليه الصلاة والسلام، بل وفيه محادة لما دل عليه قول الله تعالى: (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدًا ذلك الفوز العظيم) [التوبة/ 100]. كما أن فيه محادة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً، ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه". أخرجه البخاري ومسلم. ولما ثبت في المسند عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " دعوا لي أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أنفقتم مثل أحد ذهباً أو مثل الجبال ذهباً ما بلغتم أعمالهم ". إلى غير ذلك من النصوص الصحيحة الصريحة المفصحة عن مدحهم والثناء عليهم، وتعداد فضائلهم جملة وتفصيلاً. وسيدنا عمر هو أفضل الصحابة بعد أبي بكر، فمن سبه أو تنقصه واستهزأ به بعد أن حاز ثناء ربه عليه، وثناء رسوله صلى الله عليه وسلم، ومع ما له من الفضائل، فلا شك أنه مكذب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ومستخف بنصوص شريفة من كلام الله وكلام رسوله عليه الصلاة والسلام. وهذا ما حمل المسلمين في إيران على استنكار صنيع شركة الاتصالات المذكورة، وطالبوها بالاعتذار، كما طالبوا السلطات الإيرانية بمعاقبة الشركات التي تهين معتقدات الآخرين. وعليه: فالمتعين على شركة اتصالات إيرانسل أن تعتذر عن إساءتها وتتعهد بعدم تكرار ذلك، كما أن من الواجب على السلطات الإيرانية أن تعمل على احترام أئمة الإسلام من الخلفاء الراشدين وعموم صحابة نبينا الأمين صلى الله عليه وسلم، وأن تحترم مشاعر مليار ونصف المليار من المسلمين الذين يحملون في قلوبهم الحب والإجلال لعمر بن الخطاب ولسائر الصحابة الكرام. وبخاصة أن إيران هي الدولة الوحيدة في العالم الإسلامي التي تتخذ من سب الصحابة والطعن فيهم منهجاً في كثير من الخطب والمناسبات الدينية!. وهذا يؤكد ما يجب على الدول الإسلامية من سن نظام عبر "منظمة التعاون الإسلامي" يلزم الجميع باحترام رموز الإسلام، وبخاصة مقام النبوة، وجناب كرام الأمة من الصحابة والتابعين والأئمة، حتى لا يتعرض لهم السفهاء بتنقص أو إساءة أو استهزاء، وتجريم ذلك الفعل. والله المسؤول أن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان، وأن يجنبنا جميعاً الفتن في الدين والدنيا، وأن يحفظ ديار المسلمين من الشرور والمحن، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين. * الأمين العام المساعد للهيئة العالمية للتعريف بالرسول صلى الله عليه وسلم ونصرته