كلما حصل موقف إنسانى نبيل أو إنجاز متميز في أي مجال يخدم الوطن والانسانية بشكل عام أتذكر أهمية ايجاد مناسبة وطنية يتم فيها تكريم أصحاب الانجازات خلال عام. وبما أن هذه المناسبة موجودة وهي اليوم الوطني فقد سبق أن اقترحت أن يقام حفل تكريم سنوي في هذا اليوم تقدم فيه جائزة تسمى جائزة الوطن وتكون برعاية أعلى سلطة في البلاد. مناسبة هذا الحديث هو إنقاذ شاب سعودي تعرض للموت إثر حادث مروري بواسطة ثلاث ممرضات سعوديات الأخوات وعد العنزي وبدور الرويلى، وأمل العنزي وقد تصادف وجودهن في موقع الحادث حيث تعرض الشاب لضربة في الرأس أفقدته الوعي لكن الممرضات عملن على انعاش القلب ونجحن في ذلك وبقين الى جانبه حتى وصول سيارة الاسعاف . ما دفعني لكتابة موضوع اليوم هو بعض التعليقات التى لا تكتفى بالقول إن هذا الانقاذ عمل عادي ولكن بعضها ينتقص من عمل الممرضات ويرى أن هذه المهنة غير مناسبة للمرأة (السعودية) لكن بعض الرجال كما يقول أحد المعلقين ينتقد عمل الممرضة وحين تمرض زوجته يبحث عنها. مهنة التمريض مهنة قديمة ومهمة ولها جذور في ثقافتنا الاسلامية وهي تجمع بين الجانب الانساني والجانب المهني أو العلمي وتتطلب مهارات لا يستطيع أي انسان القيام بها بدون شروط أهمها الرغبة في تقديم الرعاية الصحية للمريض وبدون هذه الرغبة لامعنى للمهارات والقدرات وهذه المهارات والقدرات لا فائدة منها بدون قدرة الممرض أو الممرضة على التعامل الانساني مع المريض. وتعرّف نشرة جمعية الصحة الدولية التمريض بأنه علم وفن ويتم بالفرد ككل (جسم وعقل وروح) ويساعده على الشفاء عندما يكون مريضا ويمتد الاهتمام الى اسرته ومجتمعه ويشتمل ذلك على العناية ببيئته وتقديم التثقيف الصحي عن طريق الارشادات والقدوة الحسنة. هذا الميدان الانساني الجميل متاح للرجل والمرأة ولذلك تعجبت من تعليقات البعض على خبر انقاذ الشاب بواسطة الممرضات السعوديات ومنها تعليق يستنكر أصلا عمل المرأة في هذا المجال دون سند ديني أو علمي أو اجتماعي إلا المخاوف والشكوك التى تلاحق المرأة فقط. أما موضوع التكريم وتقدير الانجازات في حفل وطني يقام في اليوم الوطني للمملكة فهناك من يرى أن ما قامت به الممرضات عمل عادي لا يرقى الى عمل بطولي يستحق التكريم وهذه وجهة نظر نحترمها، ولكن العمل الانساني في ظروف معينة يجب تقديره لتعزيز السلوكيات الايجابية. ومن المهم في حالة اقرار فكرة جائزة الوطن أن يكون لها تعريف واضح وأهداف واضحة ومعايير محددة وأمانة تدير الجائزة وتشرف على كافة تفاصيلها ولجانها ذات التخصصات المختلفة. دعونا نفرح بالأشياء الجميلة ونستثمر اليوم الوطني لنقول شكرا لمن يعطي من وقته وعلمه وجهده وماله، دعونا نقدر ما يتحقق للتحفيز نحو تحقيق انجازات أكثر تميزا في المستقبل. ولا أرى حاجة لعرض أمثلة على انجازات أبناء وبنات الوطن وإبداعاتهم وهي كثيرة وفى مجالات متنوعة ولكني أقترح أن تتبنى إحدى الجامعات أو المؤسسات العلمية هذا المشروع..