نقدر باستمرار الجهود التي تبذلها الهيئة العامة لمكافحة الفساد للقضاء عليه والذي اصبح هماً للمخلصين ومحبي هذا الوطن الكريم، ولكنها استغرقت وقتاً طويلاً لإصدار انظمتها واساليب عملها والإجراءات التي تتبعها في تعقب الفساد، والمنصف لا ينكر الدور الذي قدمته في ضرورة ايضاح بيانات الأرصدة او الذمة المالية للمسؤولين والمتنفذين في البلد التي كانت اشبه بالمستحيل معرفتها الا للجهات الأمنية البالغة السرية، وكذلك كثير من الإنجازات التي يراها من ينظر للجزء الممتلئ من الكأس، ولعله يكفي من وجودها الاعتراف العلني ان ثمة مرض ينخر في عظم المجتمع ومصالحه الحكومية ومكتسباته وبنيته التحتية (الفساد) والذي يتناسب عكسياً مع ضعف الدين وتدني الوطنية حتى وان تأخر وجودها كجهاز رقابي يؤمل منه ان يكون عين الرقيب الصادقة وهي كذلك بإذن الله لولي الأمر حتى ولو كانت المخرجات لها دون الطموح بكثير اما بسبب ترهل الهيكل التنظيمي لها (متوسط الأعمار مرتفع) او عدم منحها الصلاحيات الكافية الا ما يخص المتابعة فقط وتكتفي بإطلاق الشرارة لمواقع الفساد لتتولى الجهات التأديبية الأخرى دورها وفي هذا المزيد من البلبلة والقليل من العلاج، او ان تنظيم الفساد الإداري والمالي محكم للغاية في جميع مصالحنا فلا تستطيع الهيئة الوصول اليه، وما تقدم قد يكون صحيحاً بالإضافة الى اشياء اخرى عرفها من انتسب اليها. وفي هذا الطرح سنسعى الى الموضوعية التي لا تقصي الطرف الآخر للتصحيح والعلاج مع الاحتفاظ بالإنجازات التي تحققت وان كان الطريق امام هيئتنا طويل وشاق حتى يتحقق ما يراه ولي الأمر ويتطلع اليه المواطن وان كنت من المدافعين عنها باستمرار لأنها تحتضن خبرات سعودية تستحق الاحترام لطول عطاءاتها في المجتمع، وعلينا جميعاً ان نصدق في كل معلومة ترد منا لهم دون تغليب مبدأ سوء الظن او شخصنة البيان لأننا نزيد الفساد فساداً ونسيء الى اشخاص وقيادات مجتهدة لا نشك في وطنيتهم وان كنت من المنادين ان لا تنتظر الهيئة البلاغ عن الفساد حتى تنطلق لبحثه وتقصي اخباره وانما تعمل باتجاهين (البحث المباشر وتأكيد البلاغات) بل إنني ارى ان دور هيئة الفساد في الأجهزة الحكومية لا يقل اهمية عن وجود الممثل المالي التابع لوزارة المالية الذي بدوره يتأكد من نظامية المصروفات وفق العقود التي اقرت وكذلك ضبط بنود الصرف واعتمادات المشاريع ومن الواجب ان يلحق بكل وزارة فريق عمل حسب حجم الوزارة يتأكد من النزاهة التي ينشدها الناس في تلك الوزارات وفي قيادات العمل الحكومي الكبيرة والصغيرة على حد سواء مع الإشراف عليها من قبل الهيئة ويكون احد نواب الرئيس لشؤون الفروع مرتبط معهم حسب تقسيم المناطق او يتم التركيز اولاً على المقار الرئيسية للوزارات ثم في المرحلة الثانية على المناطق بعد التنسيق مع الإمارات التي صدر لها تنظيم جديد مؤخراً تتولى بموجبه الإمارة متابعة مشاريع المنطقة مع الوزارات المختلفة. وعوداً على مخرجات الهيئة في مكافحة الفساد التي لم نقرأ او نسمع حتى الآن عن صيد سمين من الفساد الإداري او المالي كي نعطي معه التحية للهيئة على كشفها له وانما في نظري المتواضع كل ما تم الإعلان عنه يعتبر هفوات صغيرة او اجتهادات مخطئة لا نقلل من اهمية كشفها وتعرية اصحابها ولكن هناك امور اكبر بكثير مما تطالعنا به الصحف وموقع الهيئة الإلكتروني العالي الوضوح والشفافية لم تكتشف غير ما ذكره نائب رئيسها ان الهيئة قد حصرت اكثر من 3000 مشروع متعثر بسبب الخلل الإداري ولم تعلن التفاصيل ولا اسماء المشاريع او وزاراتها، او الحديث عن شبهة فساد ب 500 مليون ريال في عقود السكة الحديد وفي الخبرين متى سنصل للحقيقة ونعرف المسيء ونسمع عن العقوبة التي لم تكفل للهيئة وانما لجهات اخرى وهذا لن يحسم الأمر ولن يقضي على الفساد خاصة وان القضايا ينتهي الحكم فيها بحكم التقادم، او ان الوضع الذي يتحدث عنه العامة من الفساد هو مجرد تضخيم لواقع غير مشاهد من قبل الهيئة فالأنوف قد ازكمت من الحديث عن فساد شامل ولا حقيقة نراها هنا اوهناك الا من خلال ما ينشر ان صغر او كبر، ان الزخم الإعلامي للهيئة سواء من داخلها او ممن هم يطمحون معها لتحقيق المستحيل بالقضاء على الفساد في يوم وليلة قد اعاقها اكثر مما قدم المنفعة لها وقوم اداءها لأن الإعلام سلاح ذو حدين ولم تستخدم الهيئة الإعلام كما يجب ولذا لا يخلو يوم من مطالعتنا لقبض الهيئة على بؤرة من الفساد واذا اتيت تتفحص هذه الغنيمة وجدتها لا تستحق الذكر في الأصل لأنه يمكن علاجها دون وهج اعلامي، وتستهلك الهيئة وقتاً ليس بالقصير في ابراز نفوسها اكثر مما يجب وكأنها تقول ها نحن نعمل وتركت الأخطاء الجسام دون معرفتها او لأنها تحتاج وقتاً اطول او خبرة انضج في تتبع خطوط الفساد، ونظراً لأن الهيئة اهتمت بالإبراز الإعلامي والتسويقي لنفسها بالرغم من تدني الإنجازات او عدم اهميتها فأصبحت الثقة فيها اقل مما كان يراه الناس فور استحداثها واصبح العديد من المتابعين يسعون الى احراج قياديي نزاهة في ذكر الإنجازات او طرح السؤال عليهم في قدرتهم على تصحيح اوجه فساد اخرى وتأتي الإجابة بعدم مسؤولية نزاهة عن ذلك ويصل الأمر الى طلب الاعتذار عن المنصب طالما ان الصلاحيات في التعقب والعقاب لم تعط على الوجه الأكمل، ثم كيف يرى المجتمع الصورة الذهنية للهيئة بعد الملاسنات التحريرية والصحفية المتبادلة مع رئيس بلدية في محافظة ومدير الشؤون الإسلامية في محافظة اخرى وانا ممن حزن على حال الهيئة بعد ذلك وايقنت ان ثمة خلل تنظيمي واداري وعدم وجود حس إعلامي في التعاطي مع واقع ووقائع الهيئة وما هكذا تورد الإبل يا نزاهة في كثير من مخرجاتكم، فأنا أرى ان ثمة حاجة لمركز إعلامي متخصص يتعاطى مع القضايا بصورة اكثر منطقية مع التركيز على تحرير الخبر الذي لا يحمل التجريح إلا في حال الثبوت وان القضية تستحق الوهج الإعلامي.