أبان الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس امام وخطيب المسجد الحرام وأستاذ الدراسات العليا بجامعة أم القرى بمكة المكرمة أن المسؤولية مشتركة بين البيت والمدرسة والمجتمع حيال هذه الأفكار المنحرفة الهدامة وقال الشيخ السديس ان العناية بالوعي لدى الشباب حصانة وترسيخ وأضاف بأن بادرة استضافة المملكة للمؤتمر العالمي لمكافحة الارهاب بادرة متميزة حيث إنها عانت كثيرا من الارهاب جاء ذلك في الحوارالتالي: ٭ المملكة لها دور بارز في خدمة الاسلام والمسلمين كيف ترى أثر الأحداث العالمية على هذا الدور؟ - هذا السؤال مهم فهو يذكرنا بالسياسة الثابتة لولاة الأمر في هذه البلاد المباركة لأن من أهم اولوياتهم هي قضايا المسلمين ولهذا فان العمل الاسلامي والعمل الخيري ونصرة قضايا المسلمين هي احدى الثوابت التي تسير عليها سياسة المملكة العربية السعودية ولا يمكن أن تهتز أو أن تتغير بمجرد حادثة هنا أو حادثة هناك، ان الأعمال الاسلامية ونصرة قضايا المسلمين ودعم ومؤازرة القضايا الاسلامية في كل مكان احدى الركائز والأسس التي قامت عليها سياسة المملكة منذ عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله من قبل ذلك وشهدت ولله الحمد والمنة في عصر خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده وسمو النائب الثاني تطورها، ان مجرد هذه الأحداث لا يمكن أن تهز قناعات المملكة في نصرة قضايا المسلمين والأعمال الخيرية لكن ذلك لا يعني اذا حصلت احداث في العالم واقتضت المصلحة العليا الشرعية أن يكون هناك ترتيب للأوراق أو اعادتها في تنسيق الأعمال الاسلامية اما أن تتوقف أو أن نتخلى عن شيء من ثوابتنا فهذا لن يكون باذن الله وهذا الحمد لله ما يؤكده ولاة الأمر في هذه البلاد. اسأل الله أن يثبتهم على الحق وأن يزيدهم من الهدى والتوفيق. ٭ الأفكار الدخيلة الهدامة أثرت على عقول البعض من الشباب وأدت إلى انحرافهم فكريا على من تقع المسؤولية بهذا؟ - في نظري إن المسؤولية مشتركة وأول ما تقع المسؤولية في نظري على الأسرة فواجب الأسرة وواجب الآباء والأمهات كبير جدا في تربية أبنائهم والمحافظة عليهم ووقايتهم من قرناء السوء ومن كل فكر مخالف للفكر الاسلامي الصحيح ثم المدرسة والمدرسون عليهم واجب كبير جدا في تربية أبناء المسلمين لأن المدرسة يقضي فيها الشاب أو الطالب ست أو سبع ساعات كلها تقارن ويجالس ويدرس ويتلقى فينبغي أن يتلقى الفكر الصحيح والمنهج السليم وقديما قال الشاعر: وإذا المعلم ساء لحظة بصيرة جاءت على يديه المعارف حولاء فإذا كان المدرس مقصرا في جانب ترسيخ العقيدة والولاء لهذه البلاد وولاتها وعلمائها لا شك أن ابناءنا سيتأثرون أي ان الجامعات ووسائل الاعلام عليها دور كبير في تربية أبناء المسلمين وتنشئتهم تنشئة صالحة المسجد فيه الخطابة والامامة والخطباء عليهم مسؤولية الدعوة إلى الله الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر جميع المجتمع بشرائحه وأطيافه وقنواته ومسؤولياته كلها مطالبة برعاية أبنائنا وشبابنا من كل فكر دخيل أو منهج هزيل. ٭ ما دور وسائل الإعلام في تحصين النشء من الانحراف الفكري.. والتصدي لهذه الأفكار الدخيلة على مجتمعنا؟ - على كل حال نحن في عصر الاعلام وعصر ثورة التقنيات والمعلومات واذا قارنا هذه الوسائل بين واجباتها وادائها لرسالتها وواقعها لا شك اننا نجد جوانب التقصير ظاهرة وان كنا بحمد الله نتميز في اعلامنا الاسلامي وفي بعض قنواتنا الاسلامية بمنهج سليم ولاشك ان في اذاعة القران الكريم وتميزنا الاعلامي في هذه البلاد الذي ينطلق من خدمة الاسلام ورعاية قضاياه لا شك أن هذا شيء نتميز فيه مع ما يرجى من بذل المزيد لكنا نحن في عصر العولمة الاعلامية عصر كما يقولون القرية الواحدة كثير من الناس يتأثرون بقنوات أخرى القنوات الفضائية اليوم تعمل عملها في افساد كثير من أفكار الشباب، قنوات تدعي الاصلاح وهي تريد أن تفرق كلمة المسلمين وتحدث الافساد فيما بينهم قنوات تبث الاثارة والتشويش والشائعات المغرضة والحملات الإعلامية المركزة مع شديد الأسف ضد بلادنا وضد عقيدتنا وضد منهجنا الإسلامي ولكن في النهاية لا يصح الا الصحيح والشائعات والمهاترات والمزايدات كلها زبد، فاما الزبد فيذهب جفاء واما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض. ٭ كيف نحمي شبابنا من الانحراف الفكري؟ وما يثيره اعداء الاسلام والمسلمين؟ - في نظري لابد من العناية بالوعي جانب الاهتمام بالوعي لدى الشباب ايضا الحصانة ترسيخ وتقوية الحصانة بجسور من التربية الاسلامية الصحيحة بحيث ان الانسان لا يصدق كل مايتلقاه بل يكون على ركائز قوية ولا يمكن أن تهزه الرياح والعواصف والزوابع التي يثيرها الأعداء في كل مكان فاذا تربى أبناؤنا تربية اسلامية صحيحة وترسخ لديهم الوعي وكان عندهم الولاء لعقيدتهم ودينهم وبلادهم لا يمكن أن يتأثروا بأي حال من الأحوال.. التركيز على جانب الرعاية النبي عليه الصلاة والسلام يقول «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» الله عز وجل يقول {يايها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً} فتح باب الحوار مع الشباب الأبناء اين تذهبون لابد ان يكون الأب مطلعاً ومجالساً لأبنائه يسألهم أين ذهبتم ومن تصاحبون بشكل ليس معناه التهديد أو عدم الثقة وإنما الحوار والبحث عن ما يصلحهم ويربيهم التربية الإسلامية ويمنع عنهم كل تأثير من التأثيرات التي تريد أن تخرق منظومة البيت ومنظومة المجتمع الأمنية وتؤثر على نسيجه المتميز ترابطا وتألقا وصفاء ونقاءً. ٭تستضيف المملكة في الخامس والعشرين من شهر ذي الحجة المؤتمر العالمي لمكافحة الارهاب تصاحبه حملة للتضامن الوطني ضد الارهاب، ماهي الكلمة التي يوجهها فضيلتكم للمواطنين لتفعيل التضامن ضد الارهاب؟ - في الواقع ان هذه بادرة مباركة وسبق لهذه البلاد متميز وليس هذا بغريب عليها فهي التي أولت قضايا المسلمين وقضايا العالم كل اهتمام المملكة كما لا يخفى عانت من الارهاب بل هي من الدول التي عانت كثيرا منه والارهاب كما يقال لا وطن له ولا عقيدة له ولا جنسية له ولا ينبغي ابدا أن يحملوا المسلمين جريرة الارهاب فان الارهاب ظاهرة عالمية قضت مضاجع العالم وعانى منه كثير من دول العالم والمملكة احدى الدول التي تضررت منه فحوادث التفجيرات وحوادث العنف والتدمير الذي لحقها شيء منه وهذا لن يؤثر باذن الله لأنها مهما تتابعت عليها السهام فهي باذن الله ستظل صامدة قوية: فكنت اذا اصابتني سهام تكسرت النصال على النصال فنحن نقول كيد هؤلاء: كناطح صخرة يوما ليوهنها فلم يضرها واوهى قرنه الوعل ولهذا جاءت هذه المبادرة لتصحح صورة الاسلام مما يريد المصطادون بالماء العكر ان يلصقوا تهمة الارهاب بالاسلام، وايضا ستركز باذن الله الدراسات حول هذه الظاهرة من الناحية الشرعية وأخطارها وأحكامها وتحريمها الظاهر لان الاسلام جاء بحفظ الضرورات الخمس حفظ الدين وحفظ العقل وحفظ المال وحفظ النفس وحفظ النسل فلا يمكن ان يتطرق الضرر اليها يأتي حال من الأحوال والاسلام جاء بدرء المفاسد وجلب المصالح والعناية بالضرورات الخمس ولهذا فهو يحرم قتل الأبرياء وقتل المعاهدين وقتل المستأمنين ويسعى إلى العدل والخير والحق والسلام ويحرص على نشر الأمن في ربوع المجتمعات بل في العالم كله ولهذا رسالة النبي صلى الله عليه وسلم كانت رسالة رحمة {وما أرسلناك الا رحمة للعالمين }والذي ادعو اليه ان يتعاون الناس جميعا مع ولاة الأمر في مكافحة هذا الوباء وهذه الظاهرة الخطيرة وان نعي ابعاد الهجمة الشرسة التي تريد أن تلصق تهمة الارهاب بالمسلمين، انه ان حصل قصور في فهم بعض أبناء المسلمين فهذا لا يسحب على المسلمين بل المسلمون ولله الحمد والمنة يسيرون على المنهج الوسطى المعتدل كما قال الله عز وجل {وكذلك جعلناكم أمة وسطا} وأرجو لهذا المؤتمر كل توفيق وباذن الله سيؤتي ثماره يانعة شهية يستفيد منه العالم باسره باذن الله ويرجى أن يخرج منه توصيات وتطبيقات عملية تلامس حياة الناس، وايضا ينبغي في نظري ان يصاحب بحملة اعلامية ليست على مستوى هذا الوطن فقط انما على مستوى العالم ليصحح صورة الاسلام في العالم. ٭ ما دور المؤسسة التعليمية والأم في منزلها والخطيب في مسجده ووسائل الاعلام في تحصين النشء من الانحراف الفكري.. والتصدي لهذه الأفكار الدخيلة على مجتمعنا.؟ كل شريحة من شرائح المجتمع وكل قناة من قنوات التوجيه والتربية هي على ثغر من ثغور الاسلام فالله الله أن يؤتى الاسلام من قبلنا اذا قصر البيت او قصرت المدرسة أو قصر امام المسجد أو الخطيب أو قصرت وسائل الاعلام لا شك اننا سنغزى من قبلنا فينبغي ان تتضافر الجهود وان نكون جميعا يداً واحدة نضع أيدينا بأيدي ولاة أمرنا وعلمائنا لأننا كلنا على سفينة نسير في دفة سفينة واحدة فاذا غرقت هذه السفينة أو قصرت او طوحت بها الرياح يمينا او شمالا لاشك اننا سنتأثر جميعنا ونحن في هذا المجتمع كلنا نسيج واحد منظومة واحدة اذا حصل اي تقصير في اي جانب او اي مؤسسة فسيتضرر المجتمع باسره انني اطالب وبالحاح وفي حرارة ان يقوم كل واحد منا بدوره وما حصل الا بتقصير احد منا في هذه الجوانب فعلينا الآن أن نأخذه العبرة وان نأخذ العظة وان نتكاتف وان نبدأ صفحة جديدة ملؤها الخير والحب والعدل والسلام وانا ابشر واطمئن المسلمين ان العنف وان الافكار المنحرفة لا يمكن أن تعيش فهي فيروسات وطفيليات وجراثيم سرعان ما تنتهي باذن الله ولا يصح الا الصحيح ولا يمكن أن يستمر الا الخير الخير في الأمة والرفق والهدوء والسكينة ومعالجة الأمر بالحكمة والموعظة الحسنة كما أخبرنا الله عز وجل والله الهادي إلى سواء السبيل وهو المسؤول أن يحفظ هذه البلاد من كيد الكائدين ومكر الماكرين وحقد الحاقدين وحسد الحاسدين وان يحفظنا من شر الأشرار وكيد الفجار وأن يصلح أئمتنا وولاة أمرنا ويرزق هذا البلد الأمن والأمان. ٭ نظمت المملكة حملة التبرعات الخيرية لاغاثة منكوبي الزلازل والمد البحري في جنوب شرق آسيا كيف ترى تنظيم هذه الحملات الخيرية وتفاعل المجتمع معها؟ وكلمتكم لرجال الأعمال؟ الحمد لله الآن ولاة الأمر حريصون على تنسيق وترتيب وتنظيم الأعمال الخيرية ينبغي أن يضع رجال الأعمال ايديهم في ايدي ولاة الأمر لتكون مظلة مأمونة لوضع المساعدات موضعها الصحيح حتى لا يكون هناك من يريد ان يصطاد في الماء العكر فتتسرب بعض الأموال إلى غير وجهها الصحيح لأن الحمد لله الخير في هذه البلاد مغروس وكامل وخصيصة من خصائصها وركيزة من ركائزها وهو عمل فطري خيري حث عليه الدين وايضا جاءت الأخلاق الاسلامية وحتى الأخلاق العربية على تنميته وتشجيعه لكن قد تستغل عواطف بعض اهل الخير في مجالات غير موثوقة فينبغي مع بذلهم وحرصهم على بذل المزيد أن يكون هناك تحرك تنسيقي مرتب لأن تضبط هذه الأمور تحت مظلة مأمونة يشرف عليها ولاة الأمر والأخيار والناس المؤتمنون وهذا ليس بغريب ولله الحمد والمنة. ٭ يصف البعض هذه الحوادث بأمور غير شرعية ما ردُّ فضيلتكم على هؤلاء؟ - الزلازل والفيضانات آية من آيات الله عز وجل والله عز وجل يقول {وما نرسل بالآيات الا تخويفا} وهي عبر ينبغي أن يستفيد منها المسلمون ترسيخ الايمان وتقويته بالقلوب ودرس من دروس التوحيد وانه لا يتصرف في هذا الكون الا الله عز وجل وحده، ويؤسفنا انك تسمع أحيانا يقال ان هذا غضب الطبيعة وان هذا سخط الارض وان هذا غضب البحر وهذا ليس بصحيح كل هذه عبارات غير شرعية المتصرف بالكون هو الله وهذه آية من آيات الله ارسلها الله عز وجل للاعتبار، فاعتبروا ياأولى الأبصار، ووصيتي ان يهب المسلمون لمساعدة اخوانهم ونصرتهم وشرَّفنا وسرَّنا كثيرا الأمر السامي الكريم بالترتيب لحملة وطنية لمساعدة أخواننا المسلمين المتضررين من الفيضانات والمد البحري والزلازل في جنوب شرق آسيا وهذا ليس بغريب على بلاد الحرمين حكومة وشعبا وهي دائما سباقة لدعم المسلمين في كل مكان وكم هي الجسور التي مدت للمتضررين في كل مكان بحمد الله ونسأل الله أن يثيبهم ويجزيهم خير الجزاء ونستحث المسلمين لبذل المزيد والترتيب في هذا مع الجهات المسؤولة الموثوقة حتى تصل الامور الى طرقها الصحيحة بكل تقدير وتفان واخلاص ونسأل الله للجميع التوفيق والسداد.