بليت أمتنا العربية والإسلامية بأن تتوارث النزعات المتطرفة إن كانت باتجاه ايدلوجية شمولية مادية، أو أحزاب في ظل الجيش تقوم على مبدأ الانقلاب وخلق الفوضى وقد عشنا انكسارات هائلة جعلتنا في موقع الهزيمة والتطرف وتمزيق ساحات الوطن، ثم جاء من يأخذ الإسلام حقاً مطلقاً في احتكاره وتفسيره من قوى مختلفة سعت إلى اختراق نواميس الحياة، وابتكار نظريات ومفاهيم تحت مسميات وأشكال أدت الى ميلاد إسلام العداء مع مكونات الحياة والاستقرار، والعداء لكل من لا ينتمي لجماعة أو فصيل، أو لون اشتقته فئة أو عناصر وضعت الإسلام قيد مفاهيمها تكفر من تريد وتدمر حياة من يضعها على خرائط الأزمات، وبالتالي نشأت أحزاب بأسماء ومسميات تغطي فيه أهداف مخططيها وقادتهم وولد في هذا الميدان القاعدة وتفرعاتها من طالبان، وصحوات وغيرها، وصنعت أمن العالم الإسلامي والخارجي على خط النار وكلفت آلاف الشهداء والقتلى بذرائع في أصولها ومنطلقاتها خدمة تلك العناصر، وكأننا نسترجع التاريخ بطوائفه وفئاته التي اكتوى منها ماضي العالم الإسلامي ومسلموه.. في كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله، وولي عهده الأمير سلمان بمناسبة دخول شهر رمضان المبارك ما أضاف بعداً حقيقياً لحالة العالم الإسلامي عندما قالا: «إن الإسلام يرفض الفرقة باسم تيار هنا وآخر هناك وأحزاب مثلها تسير في غياهب ظلمتها، تحسب في غمرة الفتنة أنها على شيء، وإنما ضلت سواء السبيل». بينما حقيقة الإسلام الدعوة المفتوحة ولا يختزل في اسم أو موضوع أو جبهة وحزب و«أن المملكة بذلك تعلن أنها لن تقبل اطلاقاً، وفي أي حال من الأحوال أن يخرج أحد في بلادنا ممتطياً أو منتمياً لأحزاب ما أنزل الله بها من سلطان لا تقود إلاّ للنزاع والفشل». فالمملكة ظلت مفتوحة على الإسلام ورفضت تضييقه أو المزايدة عليه مذهبياً وطائفية أو عرقياً لأنه رسالة لكل البشر، وبالتالي إذا كانت هناك دول أو جماعات وضعت الدين الإسلامي هدفاً لمنطلقاتها فإنه عالمي الدعوة ولم يكرس في أزمنته الطويلة إعلاء أشخاص ومذاهب، بل جاءت كإطار لغايات سياسية بحتة، وهذا لا يعني أن هذا الدين من الضيق بأن لا يستوعب الحضارات وتجارب الشعوب والسير بعالمه إلى فضاء المعرفة والابتكار أو تعطيله باسم الأفكار الضيقة، والمستوردة.. مسؤولية المملكة ليست كغيرها، فهي من احتوى مظلومي العالم الإسلامي وأقامت لهم مراكز الدفاع عن قضاياهم وبنت المساجد وانشأت المنظمات والمدارس وساعدت على نشر هذه الدعوة في إطار الإسلام الوسطى، والمتسامح الذي استطاع أن يكون مثالاً في عدالته، ولم تخرج عن طبيعته الحقيقية، بل وهي أول من اكتوى بناء متطرفي القاعدة وفروعهم، وهي من قاوم هذا التيار وأغلقت عليه منافذ تمدده داخل وخارج المملكة.. عالمنا الإسلامي يمر بحالة استقطاب للعديد من الحركات الارهابية، يقابله صدام حاد مع أعدائه الذين استغلوا حالة تطرف بعض عناصره، وعموماً فالمملكة مع بناء عالم إسلامي بلا مذاهب ولا تطرف أحزاب ومنظمات.