عن سحر وسائل الاتصال الجماهيري قال حكيم أفريقي عند بروزها "تستطيع هذه الوسائل أن تأخذ الانسان إلى تل أعلى مما يُمكن أن يرى عند الأفق ثم تجعلهُ ينظر فيما وراءه" .! هذا هو شأن المتلقي الكبير لتلك الوسائل وانبهاره بما تنتجه وترسله لفكره فكيف تأثيرها على عقل ووجدان المتلقي الصغير (الطفل)..؟؟ لاشك بأنها ستكون أشد أثراً وأكثر سحراً وأعتقد بأن التلفزيون وهو أحد وسائل الاتصال الجماهيري المدرسة الأولى (بعد الأم طبعاً) التي يتلقى منها الطفل المعارف والمهارات وحتى اللغة وبعض أنماط السلوك لهذا يحرص القائمون على محطّات التلفزة أن تكون البرامج الموجهة للطفل على درجة عالية جداً من الاعداد والتشويق وتأخذ صفة البراءة والبعد عن القمع الفكري والخطف الايدلوجي.ومنذ تم افتتاح محطات التلفزيون في بلادنا وبرامج الأطفال لاتتعدى نمطاً تقليدياً يبدأ بالسؤال عن الاسم ويُختتم ب(عندك إنشودة ياشاطر) ومايتخلل ذلك من رسوم متحركة(افلام كرتون) نتاج صناعة استوديوهات هوليوود مرسومة لتتناسب وتربية الطفل الأمريكي (الأبيض) سيّد الأقوام (المفترض) ذلك السوبرمان الذي لايُهزم حتى ولو اعتدى، ثم يأتي دور الأناشيد ذات الصبغة الطربيّة المُغنّاة البعيدة عن أهازيج الطفولة ومرح البراءة، الشاهد أن الطفل بعد شارة نهاية تلك البرامج تكون حصيلته منها مُحاكاة تردد ذاك الصغير الذي نطق بنشيد متقطّع خوفاً من مواجهة الكاميرا والحضور أو تقليد حركات (سوبر مان وسبايدرمان ) ومن على شاكلتهما أو على الأكثر (حفظ) نشيد بليد لايعني أيّ شيء ولايؤثر في أيّ شيء. من هنا كان برنامج (افتح ياسمسم) انقلاباً حقيقياً في مفهوم برامج الأطفال ولو أنه كان تقليداً لبرنامج أمريكي أيضاً اسمه (شارع السمسم) لكنه فعل الأثر الإيجابي على عقلية المتلقي العربي الصغير لدرجة أن الطفل ذا الأربع سنوات أصبح يقول ( واحد...اثنان، ثلاثة) وهكذا بلغة عربية متماسكة وقويّة ثم اختفى البرنامج فجأة كما بدأ فجأة وقيل ان (المال) سبب هذا التوقف ..عجبي..!!عادت الشاشة المحليّة مرّة أُخرى بطفلنا إلى سابق عهدها للمربع الأول ( ايش اسمك ياشاطر) إلى آخر هذا الخط الذي يؤدي إلى لاشيء حتى أتى رجل فاضل ومرب خبير ببرنامج اسمه (مواهب وأفكار) وقد بدأ بدايات متواضعه الاّ انها كانت جاذبة للطفل بأسلوبها الجديد وثراء مادتها وبدأ الاستاذ (صالح العريض) صاحب البرنامج في تطوير برنامجه حتى أصبح كما قال عنه الأمير عبدالعزيز بن فهد بن عبدالله نائب الأمين العام للهيئة العليا للسياحة لشؤون التسويق (صالح أصبح ماركة محليّة شهيرة) وأثنى على أفكاره التي جعلت للبرامج الترفيهية تأثيرها على السياحة الداخليّة. وحيث تُقدّر الجهود من أصحاب الاختصاص فقد قررت لجنة مفوضي البرامج التلفزيونيّة في المهرجان العربي العاشر الذي عُقد في تونس بتاريخ 22سبتمبر 2001م منح الجائزة الأولى من بين (90) برنامجاً عربياً للأطفال لتلفزيون المملكة العربيّة السعودية برنامج (مواهب وأفكار) وكان هذا مصدر فخر للتلفزيون السعودي رغم أن الكابتن صالح العريض هو منتج البرنامج بدعم من الشؤون الثقافيّة بالحرس الوطني وهذا دليل آخر على نجاح تكاتف الجهود وتأثيرها في دعم المنافسة ومن ثم النجاح. الآن وبعد هذا السرد أراني مدفوعاً لطرح سؤال يُلح في ذهني منذ زمن، ماذا قدم التلفزيون السعودي لهذا البرنامج الناجح بشهادة أهل الاختصاص العرب وكيفيّة العناية به وتشجيعه ورعاية صاحبه قبل أن يُحبط؟؟ أنا لا أنتظر الإجابه ولكني على يقين بأن بلادنا التي لم تبخل يوماً على البعيد لن تنسى أهل الدار. [email protected]