لم أزر عمّان، عاصمة الأردن خلال عقد ونصف، إلا وكان أهم من يُزار فيها، من وجهة نظري، الصديق، الصحافي، المميز، سعد السيلاوي، أقال الله عثرته، وعجّل بشفائه. لا أحد يشاهد التلفزيون، منذ ظهور قناة mbc في مطلع التسعينات، وحتى تأسيس قناة (العربية) في العام 2003، دون أن يعرف سعد السيلاوي، صاحب التقارير اللافتة، والمقابلات المميزة. غطى السيلاوي الحرب الأميركية على العراق، قبيل سقوط، صدام، وخلاله وبعده، وبقي يترقب الأحداث، ويتطلع للمتغيرات، لا يخشى الإقبال على مواطن الخطر، ومناطق النزاع، حيث تفوح رائحة الموت، ممزوجة بالبارود، بحثاً عن الخبر، والسبق الصحافي. وهاهو صاحبنا، يخوض معركته اليوم مع المرض، فقد دخل قبل أيام غرفة العمليات، مواجهاً سرطان الحنجرة، بكل بسالة وقوة، حتى أنه سجل تقريراً بصوته المبحوح قبيل دخول غرفة العمليات في مونتريال الكندية، يتحدث عن أن صوته بعد العملية سيخرج من الرقبة عبر جهاز سيزرع له. عدتُ بالأمس من عمّان، وبرغم التفاف الأصحاب، والأصدقاء، والأحبة، في الملتقى الأول للصحافة التلفزيونية، إلا أن عمّان كانت تفتقد نكهتها بغياب سعد السيلاوي. أجرى السيلاوي مقابلات عديدة مع أهم صناع القرار في العالم العربي، غير أنه يعتز كثيراً بمقابلة أجراها مع الزعيم الفلسطيني الراحل، أبو عمار، ياسر عرفات، وعندما سأل سعد عرفات، هل يمكن أن تتنازلوا عن القدس، ضمن اتفاق سلام، انتفض أبو عمار، وصرخ في وجه السيلاوي، قائلاً: اصح يا سعد! دي القدس يا سعد! اليوم، نقول كلنا لسعد السيلاوي، المحارب الشجاع، اصح يا سعد، فنحن نحبك، ونشتاق إليك، ونتمنى رؤيتك مجدداً، وأنت تواصل ركضك الجميل. وأنت تطلق النكات، وتبث سخريتك الرائعة، في سواد الليل الكالح، وفي مواطن الخطر، فتخفف عمن حولك من صعوبة الموقف. نحن بانتظارك قامة شامخة في ميادين الإعلامي يا أبا سري، فلا تُطل علينا الغياب. شفاك الله وعافاك.