يواجه البنك المركزي المصري مهمة عسيرة للمحافظة على استقرار العملة المحلية إذا تحولت مظاهرات مناهضة للرئيس محمد مرسي يترقبها المصريون في الأيام المقبلة إلى أعمال عنف أو استمرت فترة طويلة، وقد أدت احتجاجات عنيفة في ديسمبر إلى تهافت على بيع الجنيه المصري وأنفقت الحكومة أكثر من ملياري دولار للسيطرة على الوضع. ودعا معارضو الرئيس مرسي إلى مظاهرات حاشدة يوم الأحد المقبل لمطالبته بالتنحي عن السلطة بعد عام واحد له في المنصب، وأدت اشتباكات بين مؤيدي الرئيس ومعارضيه في الأيام القليلة الماضية إلى مقتل عدة أشخاص وإصابة العشرات. وقال سايمون وليامز الخبير الاقتصادي لدى اتش.اس.بي.سي "هناك استقطاب سياسي والنمو ضعيف والتضخم مرتفع والوضع المالي للدولة يتدهور ... في مثل هذا المناخ تتعرض العملة لضغوط." واستهلكت مصر أكثر من 20 مليار دولار من احتياطياتها واقترضت مليارات من الخارج وأرجأت سداد مدفوعات لشركات النفط لدعم الجنيه منذ انتفاضة عام 2011 التي أبعدت السائحين والمستثمرين الأجانب وهما من المصادر الرئيسية للعملة الصعبة. وإذا حدثت موجة جديدة من الاحتجاجات العنيفة طويلة الأمد فسيزيد ذلك الضغط على العملة التي يجري تداولها في السوق السوداء بأسعار تقل نحو عشرة بالمئة عن سعرها في سوق ما بين البنوك ، وقال رضا اغا الخبير الاقتصادي لدى في.تي.بي كابيتال "إذا شهدنا اضطرابات اجتماعية لفترة قصيرة جدا فلن يكون لذلك تأثير دائم. لكن إذا استمر هذا العنف فسنرى أولا ضغطا في السوق السوداء حيث سيزيد الطلب ثم في سوق ما بين البنوك." وتابع "إذا تدهور الوضع الاجتماعي وصار الناس يمكثون في بيوتهم ولا يذهبون إلى العمل ولم تفتح المكاتب فسنرى تأثيرا بعد فترة من الوقت." ويلجأ كثير من شركات الاستيراد الخاصة الآن إلى السوق السوداء للحصول على العملة الأجنبية وقد تراجع الجنيه في هذه السوق نحو 20 بالمئة مقابل الدولار منذ نهاية ديسمبر، ويبلغ سعر الدولار الآن 7.70 جنيه في السوق السوداء ونحو سبعة جنيهات في سوق ما بين البنوك. وحذرت مؤسسة الأبحاث كابيتال إيكونوميكس من أن انهيار ثقة المستثمرين قد يدفع العملة إلى الهاوية، وقالت في مذكرة بحثية الأسبوع الماضي "هناك احتمال متزايد لحدوث هبوط غير محكوم قد تبلغ نسبته 50 بالمئة في غضون أسابيع." وبلغت الاحتياطيات الأجنبية لمصر 16 مليار دولار في نهاية مايو وهو ما يغطي واردات ثلاثة أشهر، وجزء كبير من هذه الاحتياطيات ذهب وأصول أخرى قد يصعب استخدامها. وقد استحدث البنك المركزي نظاما لعطاءات العملة الصعبة في نهاية الأول للمحافظة على الاحتياطيات الأجنبية. ومنذ ذلك الحين يبيع البنك 40 مليون دولار للبنوك ثلاث مرات أسبوعيا ، وقال وزير الصناعة المصري حاتم صالح الشهر الماضي إنه يتعين على البنوك توجيه العملة الصعبة التي تشتريها في تلك العطاءات إلى الأولويات مثل واردات السلع الأساسية والمواد الحيوية للقطاع الصناعي. وقال مدحت خليل رئيس مجلس إدارة شركة راية وهي الوكيل المصري لشركات نوكيا ومايكروسوفت وسيسكو وغيرها من موردي التكنولوجيا إن شركته مضطرة لشراء ملايين الدولارات شهريا من السوق السوداء لاستيراد أجهزة الهاتف المحمول والكمبيوتر ومعدات الاتصالات، وقال خليل في وقت سابق هذا العام إن الدولار ارتفع إلى أكثر من ثمانية جنيهات في السوق السوداء.