لم ترغب "حنان" أن تُكرّر تجربة صديقتها التي تعرضت لكثير من الظلم بعد أن قبلت أن تكون "زوجة ثانية"، وتنازلت عن معظم حقوقها، ولكن الزوج "اللقطة" الذي تقدم إليها لم ترفضه - برغم درايتها بأمر زواجه وأبنائه الأربعة. "حنان" التي لم تزل في بداية ربيعها لم تنه دراستها الجامعية بعد، واتخذت من مسألة الزواج هدفاً لمصلحتها الشخصية، وطريقاً تسلكه لتحقيق كثير من الرغبات والأمنيات التي كانت تريدها. وعلى الرغم من فارق السن الواضح بينهما، إلاّ أنّ الشروط المادية الهائلة "القاصمة لظهر غير المقتدر" كانت بمثابة الثمن الغالي الذي يستحق أن يُدفع من أجل شراء سلعة جديدة، فالمهر المرتفع جداً والبيت الملك والهدايا الثمينة كانت ترى "حنان" أنّها حقٌ من حقوقها، وضمان لحياتها معه مقابل الزواج من رجل بسن أبيها!. وعلى الرغم من أنّ بعض الفتيات يرفضن الزواج من رجالٍ متزوجين؛ لما سيجلب لها الزواج من متاعب وظلم وإهدار لحقوقها، إلاّ أنّ "حياة الرفاهية" فكرة تراود الفتاة التي تريد أن تعيش الحياة المعززة المكرمة، وإن تسببت بزيادة ديون زوجها. الأمن النفسي وذكرت "د. عهود الرحيلي" - أخصائية نفسية - أنّ قبول الفتاة زوجة ثانية يرتبط بفكرة أنّه أفضل الخيارات المطروحة لسبب ما مثل: تقدم العمر أو قلة الجاذبية أو عدم القدرة على الإنجاب وغير ذلك، وهذا ما يجعل الزوجة الثانية تعاني في الغالب شعورا بالنقص وانخفاض تقدير الذات، وبالتالي تلجأ للشروط التعجيزية أياً كان نوعها، التي يعتبر تحقيقها من قبل الزوج هو وسيلة للتعويض لتزداد لديها الثقة بالنفس وتقدير الذات، ويتحقق لها الشعور بالأمن النفسي من خلال الشروط المادية المختلفة، ومن جهة أخرى فإن الزوجة الثانية قد تشعر بحاجة الرجل لها لكونه لجأ إلى الزواج منها، وهذا ما قد يشعرها بالتميّز ويضخم الأنا لديها، وبالتالي فإن الشروط التعجيزية ستكون وسيلة لا شعورية لإشباع الرغبات الشخصية. زواج مسيار وفي ذات السياق أوضح "د. أحمد الجمعان" - أستاذ علم اجتماع - أنّ طبيعة مجتمعنا هي التي تفرض هذه الشروط وفي أغلب الأحيان يتدخل الأهل في إحقاق هذه الشروط، فقد يكونون هم من وضعوها لا الزوجة، وقد تحدث المشاكل لدى الزوج والزوجة، وتتفاقم هذه المشاكل حتى تصل إلى مرحلة الطلاق فيختار الزوج التعددية لخفض نسبة المشاكل، وقد يلجأ الراغب في التعدد إلى زواج "المسيار" لتجنب الحرج في حال عدم موافقة الزوجة الأولى أو الأهل عموماً، وبعض الأسر لا يتحرجون - من حيث المبدأ - أن تكون ابنتهم زوجةً ثانية، وإنما الإشكالية تكمن في التخوف من أن تُبنَى سعادة ابنتهم على خراب بيت الزوجة الأولى، وبدلاً من أن تكون سبباً في سعادة زوجها تصبح طرفاً ثالثاً في مشاكل الزوج. نسبة وتناسب وبيّن "الجمعان" أنّه قد يشترط البعض طلاق الزوجة الأولى للموافقة على الإقتران بابنتهم وهذا الأمر غير عقلاني البتة، وأمّا الشروط التعجيزية التي تشترطها الزوجة أو أهلها، التي لا يقبل بها غالباً سوى المقتدر، كأن يشتري لها منزلاً أو قطعة أرض أو يدفع لها مهراً بأرقام كبيرة فالأمر يعود لهما، فهي أشبه بعملية النسبة والتناسب، حيث يعود الأمر إلى مدى قدرة الزوج وإمكاناته، مشيراً إلى أنّ الرجل بسلطته الذكورية التي منحتها له ثقافة المجتمع عليه أن يحدد موقفه بحزم ويبني قراره حول كلَّ ذلك، سواء أكانت الشروط تعجيزية أم يسيرة فهو المعني بالأمر وليس مجبراً عليها، مضيفاً أنّه في الغالب عندما تطلب المرأة هذه الشروط يكون ذلك لأن اسم "الزوجة الثانية" له وقع لديها فتكون الشروط أشبه بالتعويض أو الضمان والأمان في المستقبل، والزوج في هذه المسألة عليه أن يحقق العدالة بين الزوجتين، كما أنّ الأمر يعود بيد الزوج إذا رأى قبول شروطها أو رفضها أو العدل بين الاثنتين، وفي ظل ازدياد نسبة العوانس والأرامل والمطلقات في المجتمع بات هناك من لا تشترط أساساً ولا تريد غير الستر. المقتدر! وأكّد "الجمعان" أنّ بعض الزوجات لا تجد مانعاً في أن يقترن زوجها بالثانية؛ لتتفرغ لنفسها وبيتها وتستثمر في أولادها، وذلك لوضع حدٍ "للطلاق الصامت" الذي تعيشه مع زوجها، فتختار المكوث في بيتها بدلاً من الذهاب لبيت أهلها وتسخر نفسها لتربية أبنائها وتعليمهم ليساندونها في المستقبل، لافتاً إلى أّنه في الاتجاه العام عندما يتزوج الرجل من امرأة "أولى أو ثانية" فهو يستقل بالسكن لوحده بعيداً عن أهله، فقد تكون الزوجة الثانية غير مرحب بها حين يتعاطف الأهل مع الزوجة الأولى، ما قد يؤثر في متطلبات الزوجة الثانية، وتزيد من تعقيدها، وفي المقابل قد يكون الأهل هم من دفع الزوج إلى الاقتران بالثانية، وكذلك الزوجة قد تكون هي من تدفع زوجها للزواج بأخرى، وذلك كله يتدخل في زيادة تعقيد أو تيسير الشروط، موضحاً أنّ أمر الاقتران "بالزوجة الثانية" برمته يتعلق بالاقتدار، وأنّ بعض النساء عندما تعلم أن الرجل المتقدم لها تنطبق عليه صفات المقتدر تفرض قائمة طويلة من الشروط المادية، والرجل يستطيع أن يدرك قدراته أياً كانت جسمية أو نفسية أو مادية، ذاكراً أنّ هناك رجالاً لا يتحملون وجود الزوجة في حياتهم أصلاً.