الإرهاب أصبح من أخطر مهددات الأمن وقد أصبح قضية دولية لا يرتبط بدين أو زمان أو مكان وحين يقع العمل الإرهابي تتجه سهام النقد الى الأجهزة الأمنية ويقال إنها فشلت في الوقاية من الإرهاب وان الإرهابيين تفوقوا بذكائهم وتقنياتهم على الأجهزة الأمنية؟ وحين تطور أجهزة الأمن أساليب المتابعة والمراقبة كما حصل في أمريكا فسوف يأتي شخص من داخل المؤسسة الأمنية ويحتج ويقول: أنا على استعداد للتضحية لأنني لن أسمح كصاحب ضمير حي للحكومة الأمريكية أن تدمر الخصوصية وحرية الانترنت والحريات الأساسية. هذا ما قاله ادوارد سنودن الذي كان يعمل بوكالة الأمن القومي بأمريكا. الشيء المؤكد هو أن حرية التعبير والإعلام ليست مطلقة لا في أمريكا ولا في غيرها ولكن حين يحضر هذا الموضوع تحضر معه المعايير المزدوجة والانتهازية والحرب الباردة ولهذ نجد أن موسكو تدعو واشنطن إلى احترام حرية التعبير والإعلام ويعلم المحتجون في أمريكا على التنصت أن رسالة موسكو ليست دعماً لهم وأنها مجرد حلقة في مسلسل الحرب الإعلامية أو الحرب الباردة الجديدة. أما الصحافة الأمريكية التي تفتخر بكشف فضيحة وترجيت الشهيرة فلن تكون سعيدة بهذا الدعم الروسي بسبب الموقف المشين لروسيا ضد الشعب السوري الباحث عن الحرية وحقوق الإنسان. أما أمريكا فان تبريرها لعملية التنصت قد يراه البعض تبريراً منطقياً لكنه نفس التبرير الذي تقول به كافة الدول التي تسعى مثل أمريكا إلى حماية أمنها ومكافحة الإرهاب. نحن أمام مساحة للمعايير المزدوجة والتناقضات فالذي يتحدث عن حقوق الإنسان في كوريا الشمالية على سبيل المثال لا يتحدث عنها في فلسطين وروسيا التي تنتقد أمريكا وتدعوها إلى احترام حرية التعبير لن تفعل نفس الشيء مع النظام السوري وقد تكون سوريا بمعايير موسكو أفضل من أمريكا في موضوع حرية التعبير والإعلام. وهكذا نرى أن السياسة ومصالحها جعلت حرية التعبير أحد مكونات منظومة حقوق الإنسان لكنها مع هذا الخطاب السياسي الإعلامي تغفل المكونات الأخرى مثل الاستقلال وتوفير الغذاء والأمن والحياة الكريمة كما تغفل التفاوت في مفهوم حرية التعبير والتناقض في التطبيق ونتذكر هنا أن الإساءة للأديان تصدر من بلاد تقول إنها تنعم بحرية التعبير ثم نجد أن هذه البلاد تحرم التطرق إلى بعض القضايا السياسية. وهكذا نجد أن قضية حرية التعبير خاضعة لمصلحة كل دولة وظروفها وبالتالي يصح القول إنه لا يحق لأي دولة أن تفرض مفاهيمها وممارساتها في هذا المجال على الآخرين والأمن خط أحمر لكل الدول.