كنت في زيارة إلى مدينة سول بكوريا الجنوبية في شهر 6/1434ه الموافق 5/2013م، لحضور اجتماعات عمداء كليات الهندسة بآسيا برفقة سعادة عميد كلية الهندسة بجامعة الملك سعود أ. د. خالد بن إبراهيم الحميزي، وقد حضرنا الاجتماع لمدة يومين، وقضينا يومين آخرين للتعرف على البلد من خلال زيارة متحفها الوطني وبعض معالمها وزيارة مقر شركة سامسونح والالتقاء بنائب رئيس الشركة، وزيارة المركز الإسلامي والالتقاء بمديره، وخلال الزيارة التقينا بسعادة الملحق الثقافي السعودي بكوريا الجنوبية د. هشام خداوردي، والذي أبدى كل أشكال الاهتمام والمساعدة فله جزيل الشكر والدعاء بالتوفيق. وقد خرجنا من الزيارة ببعض المعلومات والملاحظات التي أعرضها أمام القراء الكرام: عاشت كوريا حرباً أهلية طاحنة بين شمالها وجنوبها استمرت حوالي عامين وانتهت عام 1952، وقد تدمرت البلاد وانقسمت إلى قسمين حتى الآن. خرجت كوريا منها مدمرة منهكة قامت بعض الدول بمساعدة كوريا الجنوبية وتسعى كوريا الآن لرد الجميل لهم بالمساعدات المالية والتعليمية والتقنية. انتقلت كوريا الجنوبية بنهضة أشبه بالمستحيلة، إنها كما يسميها الكوريون معجزة هان يانج (اسم نهر عندهم). حتى صارت كوريا الجنوبية الآن من أقوى عشرين دولة اقتصادياً، وثاني دولة في العالم دعماً للبحث العلمي كنسبة من دخلها، وثاني بلد في العالم في عدد الاختراعات. يوجد في كوريا الجنوبية حوالي 400 مبتعث ومبتعثة من المملكة العربية السعودية، يدرسون في جامعاتها، ويلقون الاهتمام والمتابعة من الملحقية الثقافية. يهتم الكوريون بالتعليم العام والعالي. فالطلاب في التعليم العام إضافة إلى قضاء الصباح في المدارس، فإنهم يقضون المساء في التعليم أيضاً، أما بالنسبة للتعليم العالي، فيكفي أن نعرف مثلاً أن في كوريا الجنوبية 180 كلية للهندسة، وعدد سكانها 50 مليونا (وعندنا في المملكة 25 كلية هندسة وسكاننا 25 مليون). ومن المفيد أن نذكر أن 70% من جامعات كوريا الجنوبية يملكها القطاع الخاص، مما يعني أن رجال الأعمال يستثمرون في التعليم بصورة كبيرة، وهذا دليل وعي رجال الأعمال بأهمية التعليم لمستقبل البلاد. لاحظت عند زيارة مقر شركة سامسونج (وهي تاسع شركة في العالم من ناحية رأسمالها) أن طلابا من المدارس يزورون مقر الشركة. وهذا مؤشر على الاهتمام بالجيل القادم وإشراكه في رؤية الحياة منذ الصغر. كما لاحظت كذلك كثرة الطلاب عند زيارتنا للمتحف الوطني للسبب نفسه. يبلغ عدد المسلمين في كوريا الجنوبية حوالي ثلاثمائة ألف، نصفهم كوريون ونصفهم من جنسيات أخرى. وهذا رقم صغير جداً يدل على ضعف الاهتمام بالدعوة هناك. وفي المقابل فإن ثلث الشعب تحول للنصرانية بسبب الجهود التبشيرية التي قامت خلال الخمسين سنة الماضية. ومن الملاحظات والمعلومات السابقة، يمكن الخروج بالاقتراحات التالية: ضرورة البحث بقوة عن مجالات التعاون البحثي والتقني مع كوريا الجنوبية عن طريق الجامعات ومراكز الأبحاث وغيرها. فالشعب الكوري ودود ومتفتح وتربطه بالمملكة العربية السعودية علاقات تاريخية طيبة، فالسعوديون مثلاً يدخلون كوريا الجنوبية دون الحاجة إلى تأشيرة. ضرورة الاهتمام أكثر بالدعوة الإسلامية بكوريا الجنوبية من خلال المؤسسات والأفراد، فالشعب الكوري لا يكن أي خلفيات سابقة معادية للإسلام. وقد أكد هذه الحقيقة سعادة السفير الكوري السابق لدى المملكة والذي هداه الله للإسلام، ويعمل حالياً أستاذاً جامعياً في إحدى جامعات كوريا الجنوبية. * وكيل كلية الهندسة للدراسات العليا والبحث العلمي