باتت قضية الأسرى الأردنيين المضربين عن الطعام في السجون الاسرائيلية منذ مطلع مايو الماضي،القضية الأكثر سخونة في المشهد السياسي الأردن، فقد طغى ملف الأسرى على مسيرات الحراك الشعبي المتكررة أسبوعيا منذ ثلاث سنوات، ودخل على خط ملفات وزارة الخارجية ومجلس النواب بعد اعتصامات عديدة نفذها ذوو الأسرى أمام الديون الملكي الهاشمي. ويتمثل المطلب الرئيسي للأسرى وذويهم "بالافراج عنهم وقضاء باقي مدة محكوميتهم في الاردن وتمكين ذويهم من زيارتهم الى ان يتم الافراج عنهم من المعتقلات الاسرائيلية"، وبخاصة أن حكومة الدكتور معروف البخيت نجحت في عام 2007 عبر تفاهمات مع اسرائيل بالافراج عن أربعة أسرى أردنيين من بينهم الأسير سلطان العجلوني، شريطة قضاء محكوميتهم المتبقية في سجون الأردن. والأسبوع الماضي، شهدت عمان مسيرات بوسط العاصمة طالبت الحكومة ب "التدخل الفوري للضغط من أجل الافراج عن الأسرى، وهدد المشاركون فيها ب "بخطف اليهود مقابل الإفراج عن الأسرى الأردنيين"، واتهموا الحكومة ب "بيع ملف الأسرى مقابل تسويات أخرى مع الجانب الإسرائيلي". ويوجد في سجون الاحتلال الإسرائيلي 338 معتقلا اردنيا من بينهم 26 أسيرا تتراوح مدة أحكامهم بين 10 سنوات وبين السجن المؤبد، بسبب قيامهم بعمليات فدائية ضد اسرائيل. ولم تتوقف تداعيات ملف الأسرى على الداخل الأردني، بل تعداه إلى تدخل فلسطيني، ونقل وزير الاسرى والمحررين الفلسطينيين عيسى قراقع رسالة استغاثة من الأسرى الأردنيين في السجون الإسرائيلية إلى "مجلس النواب" الأردني. الرسالة لخصت وضع الأسرى الأردنيين المضربين عن الطعام في سجون الاحتلال الاسرائيلي تحت شعار "معركة الأمعاء الخاوية "، وبحسب الرسالة فإنهم "فقدوا من أوزانهم 15 كيلوغراما، ويرفضون العلاج والفحوص أو أخذ أية مدعمات غذائية أو طبية حتى تنفيذ مطالبهم"،"ولم تفلح محاولات "الاحتلال بالضغط عليهم من خلال عزلهم عن باقي السجناء ". وقال قراقع "لقد اتفقنا مع النواب على التحرك والتنسيق معا على جميع المستويات السياسية والاعلامية والميدانية ومنظمات حقوق الانسان وفي جميع المجالات من اجل انقاذ حياتهم". مجلس النواب الأردني أبدى استياءه الشديد من ممارسة سياسة الاستهتار بأرواح المعتقلين الأردنيين، ويقول رئيس مجلس النواب بالانابة النائب طارق خوري إن "السياسة الاسرائيلية لا يمكن ان تجابه الا بمواجهة مفتوحة على كل المستويات". ويضيف " آن الاوان لاطلاق انتفاضة عنوانها الاسرى تهز كيان الغاصب وتستعيد الحرية لكل اسرانا، وأن ارادة شعبنا وصمود الاسرى والابطال المضربين عن الطعام قادرة على صنع المستحيل وهؤلاء الاسرى هم نموذج البطولة والفداء في امتنا". أروقة مجلس النواب تشهد تحركات متسارعة لحث الحكومة على التدخل "الفوري والعاجل "، فقد طالب 93 نائبا في مذكرة قدموها لرئيس المجلس، بعقد جلسة مناقشة عامة لموضوع الأسرى الأردنيين والفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وارتكابات قوات الاحتلال الهمجية ضدهم، وما يقوم به الأسرى من إضرابات عن الطعام".وزارة الخارجية وجدت نفسها في خندق الدفاع عن خطواتها غير المثمرة للآن في الافراج عن مواطنيها المعتقلين في دولة وقعت معها معاهدة سلام في عام 1994. ويقول وزير الخارجية ناصر جودة خلال في إطار رده على انتقادات لمجلس النواب "ان هذه القضية تتابع بشكل يومي وبكل الطرق مع الجانب الاسرائيلي ". ويبدو أن حكومة اسرائيل تضع الحكومة الأردنية في حرج كبير من خلال اشتراطها على الأردن قبول أبعاد اسرى فلسطينيين مقابل الافراج عن الأسرى الأردنيين، ويوضح جودة بأن " المشكلة التي نواجهها مع الجانب الاسرائيلي هي ان بعض الاسرى من سكان الضفة الغربية ومعهم وثائق فلسطينية واسرائيل ترفض الافراج عنهم الا اذا تم ترحيلهم الى الاردن وهذا امر نرفضه كما يرفضه المعتقلون انفسهم". ويؤكد ان "سفارتنا في تل ابيب تتابع شؤونهم باستمرار فيما يجري العمل حاليا على امكانية ارسال طبيب اردني للقيام بفحص المضربين عن الطعام للوقوف على وضعهم الصحي". ويضيف ان "فترة الاعتقال للأسرى الاردنيين في (اسرائيل) كانت في الفترة التي تلت معاهدة السلام". ملف الأسرى الأردنيين يزداد تعقيدا في ظل الاشتراطات الاسرائيلية على الأردن، في ضوء مضي 35 يوما على اضرابهم، وتدهور حالتهم الصحية، والزخم الشعبي المطالب باطلاق سراحهم، فهل تستطيع الأردن فعليا تكرار تجربة إطلاق سراح مواطنيه مثلما فعل في عام 2007 ، أم أن قصة الأسير سامر العيساوي المفرج عنه بعد ثمانية اشهر من الاضراب عن الطعام ستتكرر مرة أخرى مع الأسرى الأردنيين بشكل أو آخر وبخاصة أنه رفض الابعاد الى الأردن ؟ الدبلوماسية الأردنية في محل اختبار.