يمتاز سوق الكتاب المستعمل في الرياض باهتمام بالغ من قِبل زائريه ومرتاديه إذ أنه يمثل مصدراً معرفياً مهماً خصوصاً الطلاب الجامعيين وطلاب الدراسات العليا نظرا لتكلفته المنخفضة، ومع ما تشهده أوضاع الكتاب الورقي من تراجع في المشهد الثقافي العربي، وخاصة في مجال تسويقه، إلا أن الكتاب المستعمل ما يزال متماسك الحضور إلى جانب المكتبات التجارية رغم ما يواجهه من تراجع كبير على مستويات عدة يأتي في مقدمتها، محدودية العناوين التي يطلبها جمهور محدود من شريحة محدودة - أيضا - من طلاب الجامعات خاصة. يقول وجدي الجابري المسؤول عن إدارة أحد محلات بيع الكُتب المستعملة: أغلب الكتب لا تأتي بها المكتبة إلا بهدف ربحي بحت وليس بهدف تعزيز الثقافة والمعرفة لأن البعد التجاري والاقتصادي يغلب عليها إذ أنه نادراً ما تجد من الزائرين من يبحث عن كتاب بشكل اختياري وحر، أو يبحث عن موضوعٍ يُقلقه وإنما الكل هنا يقتني أنواعا مختلفة من الكُتب لأنها فقط قد فُرضت عليهم من قبل الكوادر التعليمية التي تقوم بمهمة التعليم إما في الجامعات وإما في مراحل الماجستير والدكتوراه، سواء كانت قواميس أجنبية لأغلب اللغات أو كُتبا علمية بلغات أخرى، أو كتباً متعلقة بالأدب والنقد أو الشريعة والحديث. أما حمد عبدالنبي، فيؤكد - أيضا - أن أغلب مرتادي هذا النوع من المكتبات من طلاب الجامعة بمختلف مراحلهم الدراسية وتخصصاتهم ذكوراً وإناثاً، مشيرا إلى أن الكتب الشرعية تعد الأكثر رواجا، بعد أن كانت الكتب الثقافية الأكثر إقبالا، مما جعل المكتبة لا تعتمد على العناوين الثقافية ولا تجلب كتبها ولا تقوم - أيضا - بعرضها، موضحا أن الفرق المادي بين الكتاب الجديد والكتاب المستعمل ليس فرقاً ملاحظاً وإنما في الغالب لا يتجاوز ال30% وأحياناً أقل إلى 20%. كما يعرض حسين منصور الخلف، مالك أحد المكتبات لبيع الكتب المستعملة لإشكالية أضرت الطلاب المعتمدين على الكتب المستعملة لظروفهم المادية، والتي تتمثل في ارتفاع الإيجارات والتي سببت ارتفاعاً في قيمة الكُتب المعروضة مما أثار انزعاج الطلاب ذوي الدخل المحدود وخاصة الطلاب الذين لا يملكون في أغلب الأحيان إلا ما تقدمه لهم الجامعات من مكافآت مالية، لكون الكُتب النادرة تكون مرتفعة السعر لأننا نقتنيها بسعر عال جداً ونبيعها كذلك بسعر أعلى. وقال الخلف: نعتمد في الأغلب على الكُتب الجامعية باختلاف مراحلها وتنوعها العلمي والأدبي، أما الروايات والشعر والقصص قصيرة فحضورها في أغلب محلات الكتاب المستعمل شبه معدوم خصوصاً منذ عشر سنوات إذ أنها قليلة الرواج والاقتناء من الزائرين الذين في مجملهم يبحثون عن الكتب العلمية وليس الكتب الثقافية، التي كانت تلقى رواجاً في فترات سابقة. من جانب آخر وصف البائع محمد عبدالله محمد، طلاب تخصصات العلوم الشرعية بأنهم الفئة الأكثر إقبالا على الكتاب المستعمل، إضافة إلى الدارسين والدارسات في المراحل العليا، مبينا أن الفرق يُعتبر عالياً في بعض الأحيان بين الكتب المستعملة وبين الكُتب الجديدة بنسبة قد تصل 50% إلا أن حدوث هذه النسبة يعتبر نادراً لأنها تخضع لشروط معقدة كالأخذ بالاعتبار قيمة وسعر الكتاب الأصلي ونظافته وخلوه من العلامات والملاحظات الخطية.. مختتما حديثه بقوله: نحن لا نستطيع أن نعلن نسبة دقيقة وعلمية لأن ذلك يستوجب قراءات رقمية دقيقة وليست انطباعية، وخاصة أن أغلب الزائرين لا يبحثون عن كتاب يردون الاطلاع عليه لتوسيع معارفهم وثقافتهم الحرة أو حسب ميوله الشخصية وإنما يقتنونها كمتطلب دراسي فقط، وحين ينتهي هذا المتطلب فإنهم يقومون بعرض الكتاب للبيع مرة أخرى وهكذا دواليك. أما خالد محمد - وهو أيضاً أحد البائعين - ذكر أن الكتاب المستعمل مقبل على انخفاض في الطلب والعرض بسبب توفر الكتب العلمية وغير العلمية على الشبكة الانترنتية بأسعار رمزية مغرية لكون هذه المواقع لا تتحمل تكلفة الإيجارات أو التجهيزات الأخرى والتي تكون سبباً رئيساً في زيادة تكلفة الكتاب المستعمل المباع والذي في العادة لا يخلو من تشويه أو سوء الاستخدام. كما يرى مصطفى عمر، أن تجارة الكتاب المستعمل أصبحت تعاني من الكساد نوعاً ما، حيث ان أغلب مشاركاتها في معرض الرياض الدولي للكتاب تكون بلا مردود معنوي ومادي سواء على مستوى المبيعات، ولا على مستوى الزائرين مقارنة بدور النشر، لكون الفئة التي لا زالت تبقي هذه المكتبات وهذه المهنة هم الطلاب. وأضاف عمر قائلا: في المستقبل كما أسمع من أغلب الطلاب الزائرين لي خصوصاً في السنة التحضيرية بأن مناهجهم ذات طابع إلكتروني والكتب التي يعتمدون عليها لا يتوفر منها إلا الجديد في المكتبات الرئيسة في الأغلب، لذلك ستصبح المكتبات المتخصصة في الكتاب المستعمل على رفوف التهميش، ومن ثم فلن يأتي إليها الزائر إلا من أجل البحث عن كتاب نادر، فمواقع بيع الكتب الإلكترونية التي تتعامل مع أغلب المطابع في شتى بقاع الأرض، التي توفر الكتاب لطالبيه من أغلب مكتبات العالم وإرساله عن طريق الشحن بتكلفة مقبولة لطالب الكتاب، ليصله خلال فترة وجيزة.