قديماً كانت صورة الزوج والأب في المجتمع هي صورة الرجل المكافح القوي القائم على شؤون أسرته لذلك لقب ب(رب الأسرة) ورب كلمة مشتقة من التربية بشقيها المادي والمعنوي، أي الإنفاق والتوجيه والإصلاح والقيادة (وهذا مناقض لما يعتقده الكثيرون من أن التربية المعنوية هي مهمة الأم فقط)، لذلك كان الزوج والأب بالنسبة لأسرته يمثل الحصن المنيع والسند والمرفأ بكل ما توحي به كلمة مرفأ من أمان وطمأنينة، ومع مرور السنين هبت رياح التغيير على المجتمعات العربية والإسلامية وبدأت المرأة تخرج من بيتها لتعمل في كافة المجالات. في بداية هذا التغيير رفض الزوج أن تشاركه زوجته في طلب الرزق واعتبر ذلك انتقاصاً من رجولته، ثم حاول تقبله تحت وطأة ضغط المجتمع وشيئاً فشيئا تأقلم معه، وفي العقود الأخيرة انقلبت الأوضاع رأساً على عقب في بعض البيوت وبدأ الرجل يستسيغ طعم الراحة والتحرر من المسؤوليات والاعتماد على زوجته العاملة التي تعتبر بالنسبة إليه غنيمة باردة أو ماكينة صرافة بشرية بينما أصبح وضعه في البيت (نزيل فندق) لا يأوي إليه إلا لينام بعد قضاء أوقاته في السهر مع الشلة والسفر والدردشة في غرف الإنترنت. إن بعض الأزواج لا يسمح لزوجته بالتصرف بريال من راتبها إلا بعد إذنه وبعضهم يأخذ من مال زوجته ما يشاء لكي يتزوج بأخرى، وبالطبع فإن مثل هذا النوع من الأزواج يتنازل لزوجته عن ثلاث أرباع دوره في الأسرة ويعطي الربع الأخير للسائق. إنني اعتقد وللأسف أن ظاهرة الزوج (الإتكالي المستهتر) بدأت تنتشر في المجتمع حتى أن الرجل المتزوج من (ربة منزل) أصبح ينظر إليه باستغراب واشفاق لأن زوجته ليست موظفة إن هذا الوضع الجديد سيفرز الكثير من السلبيات من أهمها: تذوب المقومات الأساسية المتعلقة بالرجولة كالقوامة والشهامة وعزة النفس والغيرة على العرض، كما أن المرأة العاملة التي تقوم بدور مزودج في الأسرة (دور الأم ودور الأب) تتعرض لضغوط نفسية وجسمية شديدة قد تؤدي بها في نهاية الأمر إلى الطلاق والتخلص من زوج يعتبر (عبئاً مادياً ومعنوياً على كاهل زوجته).. إنني أخشى أن يأتي اليوم الذي يصبح فيه الرجل القائم بمسؤولياته تجاه أسرته (فصيلة من البشر) مهددة بالانقراض.