في خطوة تتزامن مع القرارات الأخيرة لوزارة العمل الخاصة بتصحيح أوضاع العمالة ورفع نسب السعودة في القطاع الخاص، شرعت شركات سعودية كبرى متخصصة في قطاع التطوير العقاري بتأسيس أنظمة للتوظيف والتدريب ضمن أقسام الموارد البشرية لديها، وذلك لسد نقص الكوادر الوطنية في القطاع العقاري عبر تطوير مهارات خريجي الجامعات السعوديين والارتقاء بكفاءاتهم، وإعدادهم ليصبحوا قادة أعمال المستقبل في القطاع العقاري. فهد الغفيص: انخفاض نسبة السعوديين المؤهلين يعود لغياب مسار مهني يتوافق مع احتياجات سوق العمل ورغم الفرص الكبيرة التي يوفرها قطاع التطوير العقاري واستثماراته الضخمة، تواجه الشركات العقارية في المملكة شحاً كبيراً وانخفاضاً في عدد السعوديين المؤهلين للعمل في هذا القطاع الحيوي، في ظل عدم وجود مؤسسات تعليمية أو برامج تدريبية متخصصة في هذا المجال لضخ موارد بشرية في السوق قادرة على الوفاء بمتطلبات الشركات والمساهمة في سد هذه الفجوة، حيث لا يزال الوافدون يشغلون معظم المناصب، ويعود ذلك إلى عدد من العوامل ومنها عدم وجود الأفراد المؤهلين وأصحاب الخبرة السعوديين من جهة، وتفضيل هؤلاء للعمل في الجهات الحكومية من جهة أخرى. وفي استجابة للقوانين الجديدة واستقطاب وتوظيف المؤهلين وأصحاب الخبرة من السعوديين، تسعى شركات التطوير العقاري حالياً إلى إجراء تعيينات جديدة في مناصب متنوعة لديها، لكنّ إيجاد المواهب المتميزة والاحتفاظ بها والتركيز في الوقت ذاته على مساعدة الموظفين على تطوير قدراتهم وكفاءاتهم التي تتناسب مع سوق العمل ومتطلباته لا يزال يشكل تحدياً كبيراً لهذه الشركات. ولمقابلة هذا التحدي، أُطلق برنامج "الواعدون" الأول من نوعه في قطاع التطوير العقاري وأول برنامج تدريبي لتوجيه ودعم المسار المهني لحديثي التخرج من الجامعات السعودية، وتزويد المتدربين بفرص تطوير المهارات والخبرات المهنية اللازمة للإيفاء بالحاجة المتزايدة للقطاع من الوظائف والمهن، خصوصاً في ظل ما تشهده المملكة من طفرة عقارية غير مسبوقة. وفي هذا الخصوص، قال المهندس حسام الرشودي، الرئيس التنفيذي لشركة مسكن العربية: نظرا للازدهار غير المسبوق الذي يشهده القطاع العقاري في المملكة وتنافس الشركات في تعيين الموظفين الأكفاء في ضوء تنامي الفرص الاستثمارية الخاصة بمشاريع التطوير العقاري، نتوقع أن يرتفع الطلب على السعوديين المؤهلين في القطاع العقاري خلال هذا العام والأعوام المقبلة مع رغبة وحرص جميع الشركات في الوقت نفسه على الإسراع بتنفيذ القوانين الجديدة التي أصدرتها وزارة العمل مؤخراً. وشددّ الرشودي على أن شركات التطوير العقاري تسعى في الوقت الراهن لتوظيف السعوديين من الموهوبين والمؤهلين، حيث يأتي هذا الهدف ضمن مسؤولياتها لدعم قرارات توطين الوظائف وأهمية إعداد كوادر وطنية مؤهلة، لكنه قال ان التحدي الأكبر الذي يواجه الشركات العقارية اليوم يتمثل في عدم وجود أشخاص مؤهلين ولديهم خبرة متميزة في هذا القطاع، ما يتطلب برامج وخططا تدريبية لتعزيز عملية توظيف المواطنين ضمن مجالات مختلفة في القطاع العقاري. وتابع: شركات التطوير العقاري في المملكة تواجه تحديات حقيقية تتعلق بصعوبة إيجاد الموارد البشرية والكفاءات المؤهلة للعمل في هذا القطاع، والذي بدوره يمكن أن يؤثر بشدة على خطط الشركات التوسعية، مشيراً إلى أن الشح الكبير والنقص الحاد في عدد السعوديين المؤهلين للعمل في القطاع العقاري مع تطلع عدد كبير من خريجي الجامعات السعودية إلى اكتساب المؤهلات في هذا المجال، دفع شركة "مسكن" في إطار معالجتها لهذه القضية إلى إطلاق مبادرة "الواعدون" التي من شأنها أن تشكل دفعة قوية لعمليات التوظيف المحتملة في القطاع العقاري". و«برنامج الواعدون» يعمل على إعداد المتدرب وتزويده بالاستراتيجيات الإدارية وإدارة الأزمات وتوقع المشكلات المعقدة وطرق حلّها، وإدارة المشروعات ومواجهة التحديات المستمرة في صناعة تطوير العقارات والملكيات في بيئة عمل صحية وعلى مشروعات رائدة ذات جودة عالية. من جانبه، قال فهد الغفيص، المتخصص في الموارد البشرية، ان شركات التطوير العقاري والاستشارات الهندسية تواجه تحديات كبيرة لجهة توفير وتوظيف كوادر وطنية كافية تعنى بمتطلبات السوق، مضيفاً: يبلغ عدد المهندسين العاملين في القطاعين العام والخاص قرابة 170 ألف مهندس، في الوقت الذي يقدرّ فيه عدد المهندسين السعوديين بنحو 30 ألف مهندس تبلغ نسبة المؤهلين والمزاولين للمهنة منهم 17 في المائة فقط. وأرجع الغفيص انخفاض هذه النسبة مقارنة بعدد السعوديين حاملي الشهادات الهندسية، إلى عدم وجود مسار واضح مهني للمهندسين تتوافق مع احتياجات سوق العمل، إلى جانب غياب الدعم من قبل صندوق الموارد البشرية لمثل هذه الوظائف بعكس الوظائف الاشرافية أو الادارية وعدم مساهمة صندوق الموارد مع الشركات في تحمل تكاليف الدورات التدريبية للمهندسين من اجل تقديم دورات ذات جودة عالية".