سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
د. إسحاق الهاجري: الالتزام بأفضل المعايير العالمية في صناعة الدواء أوصلنا إلى العالمية شركة الجزيرة تحصل على موافقة هيئة الدواء الأمريكية لفترتين متتاليتين:
في بقعة من الوطن، تقوم أعمدة مصنع أدوية وطني أقامته إرادة الرجال في قلب الصحاري ليصدر الدواء إلى أمريكا وبلدان الاتحاد الأوروبي، تلك ملامح قصة صاغتها الإرادة، ودعمها الطموح نحو مستقبل يحمل المزيد من بشائر التقدم في المجال الطبي. قصة لم يكن أحد ليصدقها لولا أنها واقع ملموس لا يقبل التشكيك، ففي مصنع شركة الجزيرة للصناعات الدوائية كتبت فصول تلك القصة من خلال جهد الرجال، ورؤية القادة، والالتزام بأفضل وأرقى المعايير العالمية لصناعة الدواء. مما دفع بمصنع الشركة لأن يصبح المصنع السعودي الوحيد المسجل في هيئة الغذاء والدواء الأمريكية التي تعد المقياس الأعلى عالمياً في صناعة الدواء. كما أنه في ذات المصنع القابع جنوبالرياض يعمل مواطنون ومواطنات ضمن دور وطني لا يقل أهمية عن إنتاج الدواء، مما يجعل حضور مصنع شركة الجزيرة للصناعات الدوائية مؤثراً ومهماً على المستوى الصناعي والاجتماعي. في الحوار التالي تحدثت "الرياض" إلى د. إسحاق حمود الهاجري المدير العام التنفيذي لشركة الجزيرة للصناعات الدوائية حول مساهمة المصنع في إثراء صناعة الدواء في المملكة، وكذا مساهمته في الجوانب الاجتماعية والتوطين. - كيف ترى مستوى صناعة الدواء في المملكة في هذه المرحلة؟ * تعتبر صناعة الدواء من ضمن الصناعات الإستراتيجية التي تحرص الدول على رعايتها ودعمها بغية توفرها بشكل كاف لعلاج مواطنيها، من هذا المنطلق حظيت صناعة الدواء في المملكة مبادرات شجاعة من قبل شركات القطاع الخاص ، مسنودة بدعم حكومي مباشر من خلال المخصصات الكبيرة التي تزيد عاماً بعد عام والتي تدعم التوسع في مجال المنشآت الطبية سواء التابعة لوزارة الصحة أو تلك التي تتبع للقطاع الخاص، مما يزيد من فرص نجاح صناعة الدواء في المملكة. سوق الدواء في المملكة مرشح للنمو بشكل كبير خلال الخمس سنوات القادمة، مما يعطي الاستثمار في هذه الصناعة جدوى وأهمية بالغة بالنسبة لرؤوس الأموال التي تستثمر في هذا المجال، مما يعني تنامي الاستثمار في مجال صناعة الدواء في المملكة تماشياً مع التوسع الكبير في المنشآت الطبية في أنحاء المملكة. كما أن المضي قدماً في مسألة تصنيع الدواء محلياً، وتعزيز المخزون الوطني من الدواء يمثل أهمية قصوى لأي بلد، وذلك تحسباً لأي ظروف طارئة، وأعتقد أن المملكة تعي أهمية الأمن الدوائي، وأهمية دعم قيام صناعة دوائية متقدمة، من ناحية أخرى فإن الصناعة الدوائية هي صناعة تخصصية، مما يتطلب لبناء صناعة متقدمة أن يكون هناك نقل للتقنية من خلال توطين صناعة أدوية تخصصية تمثل أهمية كبرى لأي بلد، وهذا يتطلب رفع كفاءة العاملين في هذا القطاع وتطوير قدراتهم وتدريبهم وتأهيلهم. كما أنه متوقع لقطاع الصناعة الدوائية سواء المصانع القائمة حالياً، أو التي ستنشأ قريباً أن تلعب دوراً كبيراً في استقطاب العديد من شباب الوطن، وإتاحة فرص وظيفية لهم سوءا من خريجي وخريجات كليات التقنية، والصيدلة، والعلوم مما يعني مساهمة فاعلة في توظيف اليد العاملة الوطنية المؤهلة متى ما وجدت. - ماذا عن نسبة المنتج الوطني في سوق الدواء المحلي؟ * للأسف لا زال سوق الدواء في المملكة يعتمد على الاستيراد بشكل كبير بما يصل إلى 80% من حجم سوق الدواء المحلي يكون مستورداً سواء من شركات عالمية، أو من دول مجاورة. مما يحمل مسؤولية كبيرة على المصانع القائمة حالياً، وتلك التي ستنضم إلى السوق قريباً بأن ترفع من نسبة الدواء المصنع محلياً. ونلاحظ أن تركيز مصانع الدواء المحلية يكون على تصنيع أدوية تقليدية، وليس أدوية تخصصية، مما يساهم في تراجع نسبة مساهمة المصانع المحلية في سوق الدواء السعودي، وأعتقد أن هذه النسبة مرشحة للارتفاع بشكل كبير إذا توجهت المصانع المحلية إلى إنتاج أدوية تخصصية مثل الأدوية الحيوية، وأدوية السرطان، وأدوية معالجة الربو. وهذه صناعات تخصصية تحتاج إلى استثمارات ضخمة، وإلى كفاءات وأيدي عاملة وخبرات في هذا المجال ربما من الصعب توفرها في هذا الوقت في المملكة، كما أنه لا يوجد ضمان حقيقي عند إنتاج هذا النوع من الأدوية بأن تحظى تلك الأدوية المصنعة محلياً بعملية تفضيل لدى المنشآت الطبية المحلية مقارنة بالأدوية ذاتها المستوردة، كما وانه من المتوقع أن يكون لهيئة الغذاء والدواء السعودية دور أساسي في دعم نقل تقنية صناعة الأدوية المتقدمة للمملكة وخصوصا بعد ترأس معالي الدكتور/ محمد المشعل رئاسة الهيئة لإدراكه التام بأهمية هذه الخطوة ومعرفته التامة بالتحديات التي تواجه مصانع الأدوية السعودية لخبرته الطويلة في صناعه الدواء في المملكة العربية السعودية. ولكن الأمر المشجع أن هناك مصانع وطنية استطاعت أن تصنع أدوية تخصصية بمعايير عالمية، كما حدث لدينا في شركة الجزيرة للصناعات الدوائية حيث صدرنا أدوية للولايات المتحدةالأمريكية ودول أوروبا، مما يعني أن الصناعة الوطنية في مجال الدواء قادرة على الرفع من معايير الجودة لديها وأن تقدم منتجات تخصصية تجاز في أفضل معايير الصناعة الدوائية العالمية. - ماذا عن مستوى الدعم الحكومي الحالي لصناعة الدواء في المملكة؟ * تحظى صناعة الدواء في المملكة بدعم حكومي يلحظه الجميع من خلال تخصيص مدن صناعية تحظى مصانع الأدوية منها بنصيب جيد، كما أن الصندوق السعودي الصناعي يدعم مصانع الأدوية المحلية كغيرها من قطاعات الصناعة من خلال تقديم التمويل المطلوب، كما أن نظام المشتريات الحكومية يعطي أولوية لشراء المنتج الوطني وهذا ينطبق على صناعة الدواء المحلي، وإن كان الالتزام به في القطاعات الصحية الحكومية يختلف من قطاع إلى آخر، وأنا هنا أود أن أؤكد أن مصانع الأدوية الوطنية إذا ما عملت على الالتزام بأعلى المعايير الفنية في صناعة الدواء فإنها ستنال ثقة كبيرة وستحظى بأفضلية مطلقة في القطاعات الصحية سواء في القطاع الحكومي أو الخاص. خاصة مع وجود هيئة الغذاء والدواء التي تعمل معاييرها العالية على المساهمة في رفع درجة كفاءة المنتج الطبي المحلي وصولاً إلى المعايير العالمية المطلوبة. كون شركة الجزيرة للصناعات الدوائية المصنع السعودي الوحيد المسجل في هيئة الغذاء والدواء الأمريكية، فإنكم برأي مراقبين قدمتم صورة ايجابية عن صناعة الدواء في البلد، كيف صار ذلك؟ بداية دعني أؤكد على نقطة هامة، وهي أن حصول أي مصنع دواء في أي مكان في العالم على موافقة هيئة الغذاء والدواء الأمريكية فهذا يعني أن هذا المصنع يطبق أعلى المعايير المهنية المطلوبة في هذه الصناعة، وأنه يلتزم بأعلى معايير الجودة، وغالباً ما يعتمد المنظمين والمشرعين لقطاع الدواء في مختلف دول العالم على أنظمة ومعايير هيئة الغذاء والدواء الأمريكية، وحصول مصنع شركة الجزيرة للصناعات الدوائية – عضو مجموعة الحكمة - على هذه الموافقة يعد شهادة عالمية بأنه يعتمد أعلى المعايير العلمية والمهنية في تصنيع الدواء، والحقيقة أننا ما كنا لنحصل على هذه الموافقة العالمية لولا أنه سبقها تخطيط مبكر ورهان حقيقي على مسألة الالتزام بأعلى المعايير المهنية والفنية في صناعة الدواء في مصنعنا، والالتزام بالجودة العالية لإنتاج دواء يتمتع بقيمة حقيقية من حيث الفاعلية والجودة تم تصنيعه على أسس علمية عالمية، وذلك منذ تأسيس المصنع والبنية الأساسية له، واختيار الطاقم الفني المؤهل ضمن بيئة عمل مهنية تؤدي في نهاية المطاف إلى منتج طبي نهائي حسب المعايير العالمية. كما أننا أثبتنا لمفتشي هيئة الغذاء والدواء الأمريكية أننا جديرين بهذه الموافقة من خلال زيارتهم للمصنع بغية تجديد شهادة الموافقة بعد مضي حوالي ست سنوات عليها، وحصلنا بجدارة على تجديد الموافقة، وعاد فريق آخر من هيئة الغذاء والدواء الأمريكية بغية التحقق من سلامة العمل داخل المصنع والالتزام بالمعايير المطلوبة، ولله الحمد نحن الآن نصدر 10 أدوية مصنعة في المملكة للولايات المتحدةالأمريكية، وهو أمر نفتخر به، ويسجل للمملكة العربية السعودية. - تبدو فكرة أن تساهم شركات الأدوية في التوطين فكرة تبدو ليست سهلة بحكم أن أغلب الوظائف تخصصية في مجال دقيق.. لكنكم نجحتم في التوطين.. حدثنا عن هذا الجانب؟ * لا شك أن التوطين في مصانع الأدوية على وجه التحديد يعتبر تحدياً كبيراً، ولكن بالإرادة، والثقة في قدرات أبنائنا ومن خلال شراكات مع كليات التقنية، وقد كانت التجربة إلى حد كبير ناجحة، ومرضية، وقد واجهتنا بعض الصعوبات إلا أننا تجاوزناها بفضل الله. صحيح أن هناك عملية تسرب للقطاع الحكومي من بعض الكوادر الوطنية التي نستقطبها، إلا أنه من واقع تجربة يمكنني القول أن الموظف السعودي إذا وجد بيئة عمل جيدة، ودخل مرضي، وأسلوب عمل يراعي الظروف الاجتماعية والحياتية للسعوديين كأن يوفر له يومي إجازة في الأسبوع وهي مؤثرة جداً في نجاح التوطين، ولها دور كبير في استقرار الموظفين السعوديين، لأن غالبية سكان الرياض يكونون أساساً من خارجها ولهم أهل وأقارب في مدن أو محافظات أخرى، ومن الصعب أن يكون لهم تواصل اجتماعي معهم خلال يوم إجازة واحد فقط. ومنذ أن صدر الأمر الملكي الكريم بالسماح بعمل العنصر النسائي الوطني في مصانع الأدوية، وقد بادرنا إلى توظيف سعوديات من خلال توفير بيئة عمل تراعي خصوصية المرأة السعودية، وقد أذهلنا أداء بناتنا، وإنتاجيتهن العالية، ونحن نفتخر كثيراً بهن، وقد لاحظنا حسب التقارير ارتفاع الإنتاجية في خطوط الإنتاج التي يتولين السعوديات زادت إنتاجيتها بشكل واضح. كما وظفنا بعض من بناتنا العائدات من برنامج الملك عبدالله حفظه الله للابتعاث، وهذه مسؤولية على القطاع الخاص أن يساهم في توظيف أبناء وبنات الوطن.