ابتكرت شركة كوداك التصوير الرقمي في وقت مضى بل تجاوز ذلك لتكون أول شركة تصنع الكاميرات الرقمية في العالم ويبلغ عدد موظفيها قبل إفلاسها أكثر من 140 ألف موظف وقيمة الشركة السوقية 28 مليار دولار بينما الوجه الجديد للتصوير الرقمي اليوم عبر شبكات التواصل الاجتماعي هي شركة انستغرام ويبلغ عدد موظفيها 30 موظفاً فقط واشترتها شركة جوجل بصفقة تقدر قيمتها بمليار دولار في العام 2012م وهو ما يوضح حجم التحولات التي فرضتها وتفرضها شبكات التواصل الاجتماعي وانعكاساتها على الإنسان وفرص العمل والاقتصاد. إن التحديات التي تفرضها التحولات التقنية تحتم إعادة التفكير في واقعنا وفي مستقبل الأجيال فبالرغم من كون شبكات التواصل الاجتماعي مجانية الاستخدام إلا أن قيمتها السوقية بمليارات الدولارات وأبرز الأعمال التي تحقق من خلالها مداخيل مالية هي الإعلانات التجارية وربما مستقبلاً تقدم خدمات متقدمة أو تطبيقات متطورة تحقق من خلالها مداخيل مالية تغيير مجرى الاقتصاد، وهو ما يدعو مؤسسات التعليم العام إلى تأسيس ثقافة إليكترونية متقدمة للأجيال تؤسس لجيل قادر على التفاعل الرقمي الإيجابي وربما نقطة الانطلاق تتمثل في تأسيس ثقافة القراءة الإليكترونية حيث بعض المتاجر الإليكترونية كمتجر أمازون يتيح شراء أكثر من مليون كتاب رقمي ويبلغ إجمالي عدد الكتب الحديثة التي طرحتها خلال الشهر الماضي أكثر من 95 ألف كتاب وخلال الأشهر الثلاثة الماضية أكثر من 300 ألف كتاب وهو ما يحتم تهيئة الأجيال لمثل هذه التحولات الرقمية، وعلى مؤسسات التعليم العام كذلك دراسة تقديم أجهزة لوحية للطلاب لتكون بديلة عن المقررات الورقية وعلى أن تقدم من خلالها محاضرات ودورات تدريبية مجانية كل ذلك وأكثر سيساهم في تأسيس جيل رقمي يتمشى مع التحولات المتسارعة في نظام اقتصادي حديث تأخذ مثل هذه التقينات المتسارعة بعين الاعتبار لاسيما مع إعلان شركة جوجل الأمريكية بالتعاون مع جامعة استانفورد نجاحهما في إنجاز قائد مركبة آلي يمكنه من القيادة بكفاءة وهو ما ينذر بمستقبل إليكتروني قد يقلل من فرص العمل في مجالات تقليدية ويفتح آفاقا لريادة الأعمال والإنجاز في مجالات إليكترونية متقدمة. إن مثل هذه التحولات في بنية شبكات التواصل الاجتماعي والازدياد التدريجي في استخدامها قد يرفع من معدلات الجرائم الإليكترونية والتي يجب الاحتياط لها مبكراً فضلاً عن إمكانية اختراق المجتمع ثقافياً وأمنياً والآثار النفسية لاستخدام مثل هذه الشبكات على الأفراد وهو ما يحتم التفكير بجدية في استحداث آليات ضمن خطط التنمية لتمويل مشاريع البنية التحتية لمثل هذه التحولات الرقمية في مؤسسات التعليم العام والعالي وكذلك في القطاع العام ليكون للأجيال موطن قدم في مثل هذه الاقتصاديات الواعدة خصوصاً وأن بعض الدول التي استثمرت في تعليم أجيالها تعليماً رقمياً متقدماً بدأت شركاتها الوطنية تنافس بشكل عالمي وربما من أفضل النماذج نموذج كوريا الجنوبية. آن لوزارة العمل ووزارة الاقتصاد والتخطيط ومؤسسات التعليم العالي ابتكار نموذج اقتصادي تعظم استفادة المجتمع من مثل هذه الشبكات الاجتماعية بما يساهم في توفير فرص عمل للأجيال لتكون بديلاً عن اقتصاد النفط الذي يهدد مستقبل الأجيال.