لكل سوق خصائصه التي تميزه عن بقية القطاعات وقد أشرت سابقا في عدة مقالات لخصائص السوق العقاري والتعقيدات التي يحملها بين جنباته، منها ما يتعلق بالجهات الحكومية المعنية المشرعة والمنظمة والمنفذة، ومنها ما يخص الطرف الثاني في المعادلة وهم العاملون في السوق العقاري من ملاك اراضٍ ومطورين ومسوقين وممولين ومقاولين ومصنعي وموردي مواد البناء، وأخيرا طرف المعادلة الثالث وهو المستفيد النهائي من المنتج سواء الاراضي او المساكن او المحلات التجارية والأسواق والمكاتب. هؤلاء يدورون في فلك السوق الذي يتأثر سلبا أو ايجابا بأي عائق أو تباطؤ يصيب أحدهم. لقد عانينا خلال العقد الماضي من مشاكل وتناقضات عايشها السوق وتأثر منها العديد وكان أكبر المتأثرين سلبا هو المستفيد النهائي او المواطن والمقيم من غلاء في اسعار الاراضي والوحدات يليهم المطورون العقاريون وهم من يقفون في المنتصف بين ملاك الاراضي والجهات الحكومية من جهة والمواطن من الجهة الأخرى ودائما هم من يتحمل الجزء الأكبر من اللوم. لفهم حقيقة ما جرى ويجري حاليا فبعض الجهات الحكومية لم تقم بدورها على الوجه الأكمل، وتركت المطور والمواطن يعانون من تبعات قصورهم وبيروقراطية قطاعهم، وجشع بعض ملاك الأراضي ومعظمهم ليسوا عقاريين أو مطورين بل تجار بين أفراد ومؤسسات يعملون خارج دائرة السوق العقاري ويسهمون في تضخيم الأسعار. كانت خيارات التملك أمام الموطن محدودة وعالية السعر والتمويل لم يكن يصل الى المأمول عندما كانت أسعار الأراضي في حدود القدرة الشرائية. والمطور يقف عاجزا أمام ارتفاع أسعار الأراضي الخام القابلة للتطوير وبطء الاجراءات الحكومية وعزوف البنوك عن تمويلهم وأصبحت العملية مجرد تجارة أراضي ومضاربات. اليوم نرى أشياء كثيرة تحدث وهي بداية التغيير الايجابي وكل ما ذكر سيكون جزءاً من الماضي وهي ما سيعيد للسوق توازنه ويعود ذلك لعدة أسباب أولها: أن القطاعات الحكومية بدأت تهتم بالمشكلة وتعالج نواحي القصور وان كان هناك نوع من البطء وبقايا للبيروقراطية التي تحتاج الى وقت لتزول وكذلك التوجه للتخصص والتنسيق فيما بينهم. ثانيا: ظهور جيل جديد من الشباب العاملين في السوق العقاري من مطورين ومسوقين ومهندسين ومدراء شركات لديهم الحماس والرغبة للتغيير وتقديم منتجات بمهنية عالية بعيدا عن التقليدية التي سادت لعقود لم نجن منها سوى المشاكل والأزمات. ثالثا: وهو المهم ارتفاع مستوى الوعي لدى المواطن والتفاته لموضوع التملك والسعي وراء الحلول المناسبة والواقعية في المتطلبات وعدم الاندفاع كما كان يحدث. انتهى زمن التضخيم والتدوير والاحتكار والبيروقراطية والتصحيح قادم وسيطال كافة العناصر ومن لا يرى ذلك فهو يغرد خارج السرب وسيجد نفسه وحيدا يعتمد على أنصاف وأرباع الحلول.