منذ مؤتمر مدريد الموسع بين العرب وإسرائيل، وحضور دولي عام 1991م مروراً باتفاق أوسلو، وحتى المبادرة العربية. ماذا أعطت هذه المراحل والأزمنة للقضية الفلسيطينية من حلول ونتائج؟ مجموعة وعود، ووفود تذهب ويأتي بديل عنها والحاصل لا شيء يدعم خطوات السلام، لأن اليهودية في ضمير وعقل الأوروبيين والأمريكان، جزء من امتدادهم الديني والحضاري، وهما السبب الذي أقام دولة إسرائيل ورعايتها، وفرضها كحقيقة أزلية في المنطقة، ومن يتجاهل هذا الواقع ينسى أن الدين في الثقافة الغربية جزء من مكونها الأساسي، وأهدافها الثابتة التي لا تتغير.. بدأت أوروبا بطرح الحلول، ولكنها فشلت لأنها في صلب الموقف المنسجم مع إسرائيل، وتولت القضية أمريكا، ولكنها سارت بنفس الاتجاه، وربما أن ملف هذه القضية، هو الأثقل عربياً، والأخف أمريكياً، وطالما لا توجد في السياسة معايير تقاس بها الأخلاق والمواقف الإنسانية، فقد بقي الفلسطيني رمزاً للإرهابي لأنه يريد الحق فيما انتزع منه، لكن التفسير بين النضال والإرهاب في نظر الدول المتلاحمة مع إسرائيل يُفسر وفق رؤيتها، ومع ذلك فإذا كانت الحبال ستطول، والجدل لن ينته، فإن وزير خارجية أمريكا (جون كيري) يحاول جذب الأطراف العربية والإسرائيلية للحوار، والاتفاق على صيغ ونقاط تدفع بالسلام خطوة إلى الأمام، وعرضه أن تبدأ حوارات عربية إسرائيلية، وفلسطينية إسرائيلية، أي تكون المباحثات بشقين والأمر يتجه إلى تطبيع عربي مع إسرائيل قبل أن يتفق على حل بين الطرفين الرئيسين، والاعتبار هنا لا يقف عن الكيفية التي ستحدد نقاط الحوار، وإنما الاعتراف أولاً بإسرائيل كقاعدة أولى، ثم الاتجاه إلى الحلول الأخرى، وهذا سبق رفضه عربياً إلا بالشروط التي تضمنها المشروع العربي للسلام، والذي قدم أُسساً قابلة لأن تصبح القاعدة ومنطلق الحل.. كيري يريد إيقاظ النائم، ولكن بالصدمات المباشرة والصاعقة، أي افتراض شروط تسبق الحل، وهذا لا يعطي أي تقدم في الحوار والوصول إلى نتائج، لأن جلب محاورين مع إسرائيل عربي، وفلسطيني تجزئة وفصل للمواقف، وهو الأمر الذي لن يضيف شيئاً ما، لأن العرب لو أرادوا التطبيع فقط بمعزل عن الفلسطينيين لما احتاجوا الوسيط، لكن المبدأ المتفق عليه ضمنياً وأساسياً أن الحل بين طرفي القضية، هو الذي له الأولوية، ومن ثم يأتي الاعتراف المتبادل بما فيه السفراء وفتح الحدود، وغير ذلك تكرار لمشاريع أثبتت فشلها لأكثر من نصف قرن، ومع ذلك فالعرب مع الحوار إذا كان يتفق مع مبادئهم ومصالحهم في إنهاء القضية المركزية لهم..