جهود الأهالي تحول قريتهم التاريخية لمعلم سياحي بارز على مستوى المملكة يوم خميس جميل كانت كوكبة من المثقفين ورجال الفكر والإعلام على موعد مع الجمال والإبداع الذي يصل الى حد الإبهار وكانت الحافلة التي أقلتهم من الرياض ميممة نحو الشمال تأخذهم خطوة خطوة لتعود بهم الى تاريخ عريق وماض أصيل لامسته قلوبهم وعقولهم وهم يحطون رحالهم في رحاب الكرم وعراقة التاريخ في (عودة سد ير) ومثلما كانت أسرة الضويحي الكريمة كريمة في دعوتها واستضافتها لهذه الكوكبة من أصحاب الفكر والقلم كانت عودة سدير بعراقتها وآثارها وإرثها الثقافي وأهلها الكرام كريمة مع ضيوفها ووفية مع أهلها حيث قدمت نفسها في أبها حلة وأجمل صورة وهي تشهد على أصالة ماضيها الضارب قي أعماق التاريخ بين (مسافر) و(جماز) و(غيلان) وكلها مواقع تاريخية وأثرية تشهد على قدم الاستيطان في عودة سدير وفي المنطقة عموما وتدلل على أن من سكنوا المنطقة في القدم رغم الظروف المعيشية الصعبة التي كانت تفرض عليهم الترحال الدائم طلبا للماء والكلأ الذي كان عماد حياتهم فإنهم قد استطاعوا أن يتغلبوا على هذه الظروف ويوجدون نوعاً من الاستقرار وينشؤون القرى والحواضر التي مازالت أثارها شاهدت عليه رغم تقادم التاريخ وعوادي الزمن وكأنها تردد مع امرئ القيس فتوضح فالمقرات لم يعفو رسمها * لما نسجتها من جنوب وشمائل كانت البداية بوصول الحافلة الى مزرعة الأستاذ سلطان الضويحي في وادي وراط جنوب عودة سدير حيث كان الزميل الإعلامي المعروف الأستاذ عبدالله الضويحي في رفقة الاعلاميين في الحافلة بينما كان في استقبالهم عدد من أسرة الضويحي يتقدمهم الشيخ عبد العزبز الضويحي بحضور الاستاذ عبدالرحمن أبو حيمد وأعضاء هيئة التطوير والتراث بعودة سدير وكان الاستقبال رائعاً تلمسه في الوجوه الباشة المتهللة فرحاً والمتدفقة كرماً وبعد أن أخذ الضيوف أماكنهم بدأ الأستاذ عبدالله الضويحي الحديث مرحبا بالجميع وشاكرا لهم تلبية الدعوة ثم تحدث أبو حيمد مكررا الترحيب بالضيوف ومتحدثا من جانب عن التراث والإرث التاريخي بعودة سدير بعده توالت المداخلات من عدد من الحضور والتي تنوعت مابين التاريخية والثقافية والقصائد الشعرية واختتم الأستاذ سلطان الضويحي المداخلات مكررا الترحيب بالضيوف باسم أسرة الضويحي وداعياً لهم لتشريف مأدبة الغداء.. عبدالرحمن أبوحيمد وعلى يمينه الضويحي ويظهر القشعمي ود.المصيبيح بعد مأدبة الغداء تحرك الركب متوجهاً الى عودة سدير حيث مروا في طريقهم على مسافر ثم توقفوا حيث بقايا قصر جماز حيث لفت نظر الجميع وجود آثار مسجد قديم قبلته باتجاه المسجد الأقصى دون وجود أي معلومة دقيقة وصريحة عن تاريخ هذا المسجد وسبب كون قبلته الى الأقصى وليس الى بيت الله الحرام.. ومن جماز توجهت أنظار الجميع نحو جبل تقل ربوته أثار بارزة لقصر (غيلان) التاريخي الذي تدور حول صاحبه الكثير من القصص والحكايات التي يعد الكثير منها أقرب الى الأسطورة منه الى الحقيقة ولكن يظل القصر شاهدا على حضارة وعلى إرث تاريخي قديم تتضارب الأخبار حول عصره وتاريخه ولا تزال أجزاء من سور القصر الحجري قائمة وحدوده واضحة المعالم مع وجود بئر ماء في إحدى زواياه لا يعرف كيف تم نحتها في صلب الجبل رغم تواضع أدوات الحفر في ذلك الوقت وهي الآن تكاد تختفي حيث أنها شبه مردومة بالكامل وحسب ما ذكره أحد أعضاء لجنة التراث فقد تبرع أحد أعيان عودة سدير الداعمين للتراث بحفرها وتنظيفها ولكن اللجنة ترى أن يتم ذلك تحت نظر وأشراف متخصصين في الآثار لما قد تضمه البئر من آثار وقطع أثرية قد تكون ذات دلالة على العصر الذي بني فيه القصر وطبيعة ساكنيه بعده تم التوجه الى القرية التاريخية والتي تمثل الموقع القديم لبلدة عودة سدير حيث المباني الطينية التي تحيط بها مزارع النخيل وحيث ينشط أعيان القرية وموسروها والأهالي في عملية أعادة ترميمها وتأهيلها تحت شعار ( أولاد العود ..... عيدوها ) والذي تم إطلاه خلال احتفالات العيد في عام 1432 ه) حيث كان في استقبال الضيوف جمع من أهلي عودة سدير وشبابها حاملين معهم مباخر العود وفناجين القهوة ومرحبين بضيوفهم وبدأت الجولة في أنحاء السوق الذي يمثل وسط القرية ومركزها التجاري والاجتماعي وحيث المسجد القديم ومئذنته الشامخة بينما تتردد أصوات المنادين والبائعين عير الدكاكين القديمة وقي زاوية أخرى تقوم زاوية للكتاتيب يتوسطها شيخ كبير يتحلق حوله مجموعة من الصبية يتعلمون القراءة وتلاوة وحفظ القرآن الكريم وفي جانب آخر تقوم خلطة كبيرة من الطين تتكون من التراب الممزوج بالماء بغرض تهيئته لعمليات البناء حيث كان الطين واللبن وخشب الأثل والسعف هو مادة البناء في ذلك الوقت والذي كان الى جانب قوته فإنه يمثل عازلا طبيعياً يقيهم يرد الشتاء ولهيب الحر قبل أن يعرف الناس الإسمنت والبلك والحديد الذي حول مساكنهم الى غرف أشبه بالأفران صيفا وبالثلاجة شتاء ولولا وسائل التكييف العصرية لما استطاعوا البقاء فيها ساعة من نهار وقبل ان تواصل الجولة في طرقات البلدة دلف الجميع الى منزل عبدالرحمن أبوحيمد الذي أعيد تأهيله بطرازه القديم جيث رحب بالجميع وأخذهم في جولة على أنحاء المنزل وما يضمه من قطع أثرية وتحف أثرية كانت عماد الحياة في زمن الآباء والأجداد ومعرض للصور التاريخية والأثرية وبعد أن تناول الجميع القهوه أكملو جولتهم في جانب من البلدة التي مازالت معظم مبانيها القديمة قائمة ومتماسكة وسط جهود حثيثة من الأهالي في إعادة ترميمها وتأهيلها ثم زار الوفد منزل الدكتور محمد بن سعد بن حسين الذي تبرع به ليكون بيتاً للتراث وكانت المحطة الأخيرة زيارة منزل أسرة الضويحي القديم حيث تم توديع الضيوف بمثل ما استقبلوا به من حفاوة وتكريم وقد كان لنا عدد من اللقاءات خلال هذه الزيارة حيث التقينا عبدالرحمن أبو حيمد والذي كرر الترحيب بالجميع في ربوع عودة سدير وقال إنما تشاهدونه لا يمثل سوى البداية ولن نستعجل على إقامة المهرجانات حتى تكتمل البنية السياحية للقرية التراثية وهناك تنسيق مع ا لهيئة العامة للسياحة والآثار ومع العديد من المكاتب السياحية حيث زار العودة ومازال يزورها العديد من الوفود السياحية من داخل وخارج المملكة.. جانب من الجولة في القرية التراثية كما التقينا الأستاذ محمد القشعمي والذي عبر عن سروره وإعجابه بما شاهده في عودة سدير من اهتمام بالتراث وبأحياء ثقافة الآباء والأجداد وإبراز ظروف وطريقة معيشتهم في السابق وما كان يكتنفها من مصاعب وعقبات واعتمادهم في جميع مناحي حياتهم على ما يزرعونه ويصنعونه من موجدات بيئتهم بعكس الجيل الحاضر الذي أسبحت حياته قائمة على الاستيراد وتمنى أن يشاهد هذا الاهتمام في مختلف مدن وقرى المملكة.. كما تحدث مدير القناة الثقافية بالتلفزيون السعودي الأستاذ محمد الماضي مبديا إعجابه بما شاهده ومنوها بدور الأهالي ومبادراتهم في الإسهام في هذه الجهود وقال إن ما شاهدناه اليوم في عودة سدير ما هو إلا إحدى المحاولات الرائدة لتأصيل الموروث الشعبي وإعادة أحياء التراث الشعبي في سبيل ايجاد ترابط بين الأجيال القديمة والشابة وقال إننا نتطلع الى أن يصاحب أحياء الآثار القديمة المتمثلة في جوانبها المادية من مبانٍ عامة ومساكن أحياء للقيم الإنسانية التي كانت سائدة في حياة الآباء والأجداد وما كانت تتسم بع من ترابط وتعاضد وتعاون بين الجميع وقال إن القناة الثقافية تسعى الى تعزيز هذه المفاهيم وترسيخها في المجتمع من خلال تغطيتها وإبرازها للمهرجانات الثقافية والتراثية التي تقام في مختلف مناطق المملكة. وقال الأستاذ ابراهيم الصقعوب نائب رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون لشؤون الإذاعة سعدنا بهذه الزيارة والتي قدمت لنا صورة جميلة لتعاون الأهالي في ابراز الجهد المحلي لاعادة ترميم المنازل القديمة ولتذكير الأجيال الجديدة بحياة الآباء من خلال ترميم وتأهيل الأسواق والمرافق والمنازل القديمة وحث الشباب على ممارسة أدوار كان يمارسها آباؤهم لكي يحسوا بالفارق الذي حدث في هذه البلاد ومدى ما يعيشون فيه من نعم كبيرة ولربما لو اهتمت كل مدينة وكل قرية بتراثها وعلى موروثها الشعبي لأصبح لدينا مجالاً جميلًا ننقل من خلاله ثقافتنا وتراثنا لأجيالنا التي استقطبتها وسائل التقنية الحديثة عن ماضيها الجميل وقال د. سعود المصيبيح سعدت كثيرا بما شاهدته في عودة سدير من كرم ونبل وتآخٍ وتآلف ومحبة والعمل بروح الفريق مواكبة للحاضر واستشرافا للمستقبل والاستفادة من الماضي فشكراً لأهالي عودة سدير وشكراً لأسرة الضويحي على هذه الروح الجميلة الرائعة والتي استطاعوا من خلالها أن يوجدوا مدينة جميلة فيها كرم رجال الأعمال وتعاون الأهالي وفيها اجتماع التاريخ والحضارة وربط الشباب والنشئ في واقع مدينتهم وثقافتهم وتراثهم وهو عمل رائع يستحق كل الاهتمام والتقدير من جميع الهيئات الرسمية مثل الهيئة العامة للتراث والثقافة ومثل وزارة الإعلان والثقافة ووزارة التربية والتعليم والبلديات وغيرها من الجهات ذات العلاقة وبعد فقد انتهى الوقت المخصص للزيارة ولم نقف على طرف الإبداع في عودة سد ير كحال (( غيلان )) الذي تقول عنه الأسطورة التي يتداولها أهالي العودة وأهالي سدير عموما أن غيلان مات وهو يبحث عن طرف الأرض ويلخصونها في الجملة التالية ( غيلان مات ما لقى طرفها ) وبعد مازالت آثار عودة سدير تخبئ في باطنها الكثير من كنوز التاريخ التي هي بحاجة الى البحث والتنقيب من قبل الجهات المعنية والمهتمين بالحضارة القديمة في جزيرة العرب. همسة أمل أهل العودة لهم امل بمكتب للخدمات البلدية ومدرسة ثانوية للبنين وروضة حكومية للأطفال ومكتب للبريد مطالب ليست بالصعبة ولا الكبيرة ولكنها من الأهمية بمكان لأهالي عودة سدير.. صورة جماعية وتظهر مئذنة العودة الشامخة البوابة الرئيسة للقرية التراثية من الجولة في معرض الصور بمنزل أبو حيمد المذيع عبدالله الشهري يطلع على أحد الأصناف المعروضة في السوق وخلفه الصقعوب مدير القناة الثقافية متحدثا للرياض