تتميز بلادنا والله الحمد بكثير من المميزات التي تجعلها قادرة على التقدم في مجال السياحة حيث تظل سياحتنا الداخلية متفوقة على غيرها من حيث الأمن والطمأنينة الناتجة من تطبيق بلادنا لأحكام الشريعة الإسلامية الا انه رغم ذلك نجد انه سنة بعد سنة تزداد نسبة السفر لقضاء الإجازة خارج حدود الوطن. ورغم إنشاء الهيئة العليا للسياحة إلا أن الوضع ما يزال (محلك سر) والسبب ليس قصوراً من الهيئة ولكن الخلل الحقيقي يكمن في عدم التعاون والتكاتف من قبل صناع السياحة مع جهودها فأصبحت كمن «ينحت في الصخر» فلا يكفي ما تقوم به منفردة مالم يتعاون معها الجميع من المهتمين بهذا الشأن. ومع أن هناك إمكانيات مادية كبيرة لرجال الأعمال الذين يبحثون عن الربح ودعم اقتصاد بلادهم من جهة ووجود كثافة سكانية تجعل للترفيه العائلي البرىء مكانا مناسبا ضمن اهتماماتها من جهة اخرى إلا أننا نرى عزوفاً واضح من قبل رجال الأعمال في دعم السياحة لدينا بمشاريع عملاقة فأكثر ما هو موجود منصب على افتتاح الأسواق والمراكز التجارية ربما بحثا عن الأرباح العالية والسريعة حتى تشبعنا وأصبح في كل حي أكثر من مركز تجاري وتطير رؤوس الأموال الضخمة لاستثمارها في دول أخرى. نحن في الواقع نفتقد مقومات الجذب فغلاء الأسعار مقترنه بخدمة متواضعة مع الافتقار للتجديد والإبداع. حيث نرى الجهود المبذولة مكرره والفعاليات في كل مناسبة كأجازه -العيد، الصيف، آخر الأسبوع- هي نفسها وان اختلفت التسميات. اننا بحاجه لجهود اكبر تتوافق مع تطلعات مدينه طموحه كالرياض التي نتمنى أن نراها سباقة في التميز والإبداع والكف عن مجرد الدوران في حلقه واحدة دون التقدم خطوه لفتح نوافذ جديدة للترفيه السياحي بما لا يتعارض مع مبادئنا الإسلامية. ومع قدوم فصل الصيف سيقفز السؤال ملحا «أين نذهب للترفيه كعائلة»؟ نعم تمتليء مدننا بالمنتزهات وأماكن الترفيه لكنها تمتلىء هي الأخرى بالمفارقات الغريبة والتخبط العشوائي الذي يبرز اكثر من خلال التطفل على خصوصيا الغير بلا مبرر ومحاولة احتكار المكان من قبل صاحبه لفرض أنظمته الشخصية وما يتوافق مع أهوائه ومرئياته الخاصة باجحاف واضح بحق المستخدمين ، ويبرز ايضا من خلال الاستغلال المادي المقيت من قبل اصحاب المنشأة. فتجد انك تضطر بأسى أن تدفع مبالغ كبيرة دون أن يكون مقابل ذلك خدمة ممتازة. فلدينا في الواقع افتقار للتخطيط والتنظيم السليم الذي يمكن أن نطوعه ببساطه ليتناسب مع خصوصيتنا الدينية وفي نفس الوقت يرضى طموحاتنا، بدلا من الاعتماد على و جهات نظر شخصية لموظفين يفتقدون أبسط أبجديات التعامل مع الغير واحترامهم فما بالك بتقديم خدمة مميزة لهم مستغلين حاجة الناس لهم في ظل محدودية ما هو موجود. أيضا بات من الضروري إيجاد هيئة رقابية تقوم بعملية تنظيم الأسعار بما يتوازى مع الخدمات المقدمة حماية للمستهلك وبما يصب بذات الوقت في مصلحة كلا الطرفين، فمن غير المنطقي مثلا ان يصل إيجار شاليه لليلة واحده في احد مدننا الساحلية إلى ألف وخمسمائة ريال وسعر الشقة الواحدة في الليلة الى مايزيد عن ألف ريال! فليس هناك مبرر واحد لهذا الغلاء حتى لو افترضنا ان هناك خدمة جيدة ، فأنت لن تضطر إلى دفع سوى نصف او ربع هذا المبالغ لو كنت في مدن أخرى كبيروت او القاهرة مثلا. على رجال الأعمال أصحاب العقليات التجارية أن يكونوا واقعيين في تقديراتهم للسياحة لدينا علي الأقل في الوقت الراهن حتى تزدهر السياحة وترتقي لمستوى ما نأمله بعد ذلك لن نستخسر ان ندفع بها ما نصرفه في دول أخرى وأكثر.. ولست هنا اقلل من شأن المقدرات السياحية التي تحظى بها بلادنا لكنني على العكس أراها بأكبر مما تراه الآن واكثر تطورا بشرط ان نوليها اهتمام حقيقيا أكبر ونظرة أشمل لتصل الى ماتستحقه من مستوى وهذا ليس ببعيد بشرط أن تتضافر الجهود لذلك وتتوحد الغايات.