توفي الرئيس الجزائري الاسبق علي كافي عن عمر يناهز (85 عاما) بعد وعكة صحية أدخلته المستشفى العسكري "عين النعجة"، أعالي العاصمة الجزائر، حيث لفظ آخر أنفاسه بعد عمر طويل نصفه قضاه في جبال الأوراس حيث معاقل مجاهدي الثورة الجزائرية زمن الاستعمار الفرنسي كعقيد في صفوف جيش جبهة التحرير الوطني. و يعّد علي كافي، سادس رئيس دولة للجزائر المستقلة، توّلى شؤون الرئاسة في فترة هي من أحرج الفترات التي عرفها التاريخ السياسي الجزائري الحديث، حيث ترأس المجلس الأعلى للدولة مباشرة بعد اغتيال رئيسه محمد بوضياف الذي جيء به من المغرب الشقيق حيث كان يقيم منذ استقلال البلاد إلى مصرعه في 29 جوان 1992 في أعقاب الاستقالة الشهيرة للرئيس الجزائري الراحل الشاذلي بن جديد عقب توقيف المسار الانتخابي الذي فازت به الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحلّة في جانفي / يناير 1992، وما تبع هذه الفترة من دوامة عنف ونار ودم أدخلت الجزائر في مستنقع الإرهاب لم تتعاف منه كلية إلى اليوم. وينحدر علي كافي، من الشرق الجزائري، من ولاية "سكيكدة" تحديدا، وهو واحد من الشخصيات التاريخية والسياسية الجزائرية القليلة التي أقدمت على كتابة مذكراتها وفتح النقاش حول تاريخ الثورة الملغّم بكثير من نقاط الظل التي ما يزال الجدل حولها قائما إلى اليوم بين جيلي الثورة والاستقلال، حيث ترك الراحل وراءه صفحات من التاريخ في كتابه "مذكرات الرئيس علي كافي: من المناضل السياسي إلى القائد العسكري، 1946-1962 " لم ينته الجدل حول بعض فصولها إلى اليوم. واعتزل الراحل "علي كافي" السياسة وانزوى ببيته، مثله مثل الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد، وأحمد بن بلّة، ولم يكن يظهر على شاشة التلفزيون إلا في المناسبات الرسمية على رأسها أعياد الثورة والاستقلال، بعدما دأب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على دعوة كل رؤساء الجزائر السابقين إلى الاحتفاليات التي كان يقيمها بالمناسبة ويحرص على أخذ صور تذكارية معهم ضمن مساعيه لتعزيز روح المصالحة بين الجميع. ويأتي رحيل الرئيس "علي كافي" في وقت تحتفل الجزائر بخمسينيات استقلال البلاد العام 1962، وهي الخمسينيات التي يشاء القدر أن تشهد ما يشبه الرحيل الجماعي لأسماء ثورية وسياسية وتاريخية هامة يرتبط جزء هام من مسارها بالثورة الجزائرية ومرحلة ما بعد استقلال البلاد على رأس هؤلاء الرئيس أحمد بن بلة، والشاذلي بن جديد، وعبد الحميد مهري، وأحمد محساس ووردة الجزائرية التي غنّت للثورة وخدمت الثورة بطريقتها الخاصة، وكلّ هؤلاء ثم تشييع جثامينهم بمقبرة "العالية" بالضاحية الشرقية للعاصمة الجزائر حيث تدفن الجزائر قاماتها التاريخية والسياسية والفكرية والعلمية. ومن المقرر حسب بيان لرئاسة الجمهورية أن يعرض جثمان الراحل كما جرت عليه العادة ب "قصر الشعب" اليوم الأربعاء، بما يسمح لعامة الناس إلقاء النظرة الأخيرة على رئيسهم الأسبق، قبل موراته الثرى بمقبرة العالية، وحسب البيان ذاته فإن الرئيس بوتفليقة قرر إعلان الحداد الوطني لمدة ثمانية (8) أيام ابتداء من أمس الثلاثاء.