حدثان مرّا في الأسبوع الماضي يتعلقان بالوضع في سوريا، الأول حول جبهة النصرة ومبايعتها للظواهري في تنظيم القاعدة، والثاني الوثائق المكذوبة التي زورها النظام السوري والتي تضمنت ادعاء إخراج وزارة الداخلية السعودية للمساجين التابعين لتنظيم القاعدة وإرسالهم للقتال في سوريا. في الموضوع الأول لا يمكن إطلاقاً التحدث عن جبهة النصرة على أنها المكوّن الوحيد للثوار، ومن جهةٍ أخرى فإن الجبهة تتحرك ضمن الدفاع عن الشعب السوري المظلوم، ولئن بايعت القاعدة أو لم تبايعها فإن النظام السوري يقف أمام غول صنعه هو، وقد كتبت من قبل أن القاعدة في العراق وفي سوريا هي صنيعة النظام السوري، وعليه فإن أي عنصر من القاعدة يواجهه النظام الآن فإنه من صنعه، ونتذكر المثل العربي:"يداك أوكتا وفوك نفخ". أما بخصوص تزوير الوثائق فيكفي أن نتذكر مسرحيات النظام التي تشبه مسرحيات مناصرها دريد لحام، من مسرحية "أبو عدس" في مقتل الحريري إلى مسرحية إخراج الداخلية السعودية لمساجين القاعدة وإرسالهم لمصر، كلها كذبات بعضها فوق بعض، وأذكر هنا بمضمون مقالة المحلل الكاتب والسياسي عبدالرحمن الراشد الذي قال عن الموضوع:" وفي سوق الصراع السوري أكوام من الوثائق انتشرت لكن لا ندري حقيقتها. آخرها، وثيقة نشرت معدلة مرتين عن السعودية، ممهورة بتوقيع وزير الداخلية. يقول فيها بالموافقة على إطلاق سراح مئات من مقاتلي تنظيم القاعدة المحبوسين وإرسالهم للقتال في سوريا! الحقيقة، الفكرة جيدة من منطلق «وأوقع الظالمين في الظالمين، وأخرجنا من بينهم سالمين». بذلك نتخلص من الإرهابيين الذين يقضون على نظام الأسد الظالم، ويرتاح السوريون والعالم كله من الفريقين الظالمين، إنما دون تحقيق فلمثل هذه الفكرة مخاطر عظيمة. فمن سيتعهد أن هؤلاء القساة طالبي الموت، من مقاتلي «القاعدة»، بعد الإفراج عنهم، لا يعودون ويهددون أمن بلادهم والبلدان الحليفة الأخرى؟ لا أحد أبداً. هذا ما جربناه في أفغانستان، وهذا ما فعله بن لادن بنا، الذي أرسل ليقاتل السوفيات فعاد وقاتل أهله من سعوديين ومسلمين وآخرين! الأرجح أن الوثيقة من تزوير النظام السوري، في حرب الدعاية والتضليل المنتشرة، لكن لماذا؟ لنتذكر أن الحرب هناك تدور بين ثلاثة أطراف، قوات النظام السوري والثوار من الشعب السوري وجماعات متطرفة. مثلث معقد، وسيزداد تعقيداً لاحقاً عندما تستعر المعارك أكثر ويقترب الحسم. الطرفان المتحاربان الأصليان هما النظام والثوار، أما الجماعات المتطرفة فهي حالة مشتركة"! ثم إذا كانت جبهة النصرة إرهابية فماذا يسمى النظام السوري؟! قبل أن تدرج الولاياتالمتحدة وسواها من المنظمات الدولية أي تنظيم على أنه إرهابي عليها أن تدرج النظام السوري في لوائح الإرهاب، إنه يقوم بتصفيات عرقية ومذهبية وحملات تطهير فجة رعناء، والمذابح التي يمارسها لم يقم بها الصرب ضد البوسنة ولا توازيها إلا محرقة هتلر ضد اليهود وحربه على العالم. آن أوان خروج العالم من الضيق إلى السعة، حتى أصبح مجلس الأمن الدولي عاراً على البشرية والتاريخ والأمم. صدق المفكر السوري خالص جلبي حين انتقد مجلس الأمن قائلاً:" الم الذي نعيش فيه اليوم غابة. وكما كان هناك ملك يحكم الغابة، فأمريكا اليوم هي أسد هذه الغابة. وكما ينص قانون الغابة على أن «القوي يأكل الضعيف»، كذلك الحال في غابة الأممالمتحدة، محروساً بحق النقض (الفيتو) في مجلس الرعب! عفواً مجلس الأمن! وبالطريقة التي يتفاهم بها حيوانات الغابة، فيبتلع الأقوياء الضعفاء، كذلك الحال في الغابة العالمية! إنه مجلس الخوف وليس مجلس الأمن، وإذا كان في عناصر الثوار بسوريا بعض الإرهابيين فإنهم بنفس الوقت يحاربون نظاماً إرهابياً وسلّط الله الظالمين بعضهم على بعض.